وقال بعضهم: القياس والاستحسان على قولهما خاصة، القياس أن يجب تسليم ما شرط في موضع عقد القسمة كما في البيع والسلم، وفي الاستحسان يجب التسليم عند الدار.
ووجه ذلك: أن في السلم إنما وجب تسليم المسلم إليه في مكان العقد؛ لأن البدل الآخر وهو رأس المال وجب تسليمه في مكان العقد، فيجب تسليم هذا البدل في مكان العقد أيضاً، وها هنا تسليم أحد البدلين وجب في الدار، فكذا تسليم البدل الآخر فصارت الدار في مسألتنا كمكان العقد في مسألة السلم.
إذا كانت الدار بين رجلين اقتسماها فأخذ أحدهما قدر النصف، وأخذ الآخر قدر الثلث، ورفع طريقاً بينهما قدر السدس فذلك جائز؛ لأنهما قسما بعض الدار وبقيت شركتهما في البعض، ولو اقتسما الكل يجوز، ولو بقيا الكل على الشركة يجوز، فإذا قسما البعض وبقيا الشركة في البعض يجوز أيضاً، وكذلك إذا شرطا أن يكون الطريق لصاحب الأقل، وللآخر فيه حق المرور فهو جائز.
قال شيخ الإسلام: هذه المسألة دليل على جواز بيع حق المرور، والحاصل أن في جواز بيع حق المرور روايتان، واتفقت الروايات أن بيع الترب وبيع حق السبيل وبيع قرار العلو على السفل على الانفراد لا يجوز.
وذكر شمس الأئمة السرخسي في شرح هذا الكتاب من العلة ما يدل على جواز هذه القسمة على الروايات كلها، وإن كان في جواز بيع حق المرور روايتان كان بأن عين الطريق كان مملوكاً لهما، وكان لهما حق المرور، وقد جعل أحدهما نصيبه من رقبة الطريق ملكاً لصاحبه عوضاً عن بعض ما أخذ من نصيب صاحبه، وبقي لنفسه حق المرور هذا جائز بالشرط، كمن باع طريقاً مملوكاً من غيره على أن يكون له فيه حق المرور، وكمن باع السفل على أن له حق قرار العلو فإنه يجوز كذا ها هنا.
وإذا كانت الدار بين رجلين وبينهما شقص من دار أخرى اقتسماها على أن أخذ أحدهما الدار والآخر الشقص، فإن علما أن سهام الشقص كم هو فالقسمة جائزة، وإن لم يعلما فالقسمة مردودة، ولو علم أحدهما ولم يعلم الآخر فالقسمة مردودة.
وهكذا ذكر المسألة في «الأصل» : في هذا الكتاب ولم يفصل الجواب منها على التفصيل إن علم المشروط له الشقص جازت القسمة بلا خلاف، وإن جهل الشارط ذلك، وإن جهل المشروط له وعلم الشارط كانت المسألة على الخلاف.
على قول أبي حنيفة ومحمد تكون القسمة مردودة، وعلى قول أبي يوسف تكون جائزة وهذا القائل يقيس مسألة القسمة على مسألة البيع المذكور في كتاب الشفعة.
صورته: إذا باع الرجل نصيبه من دار من رجل، وقد علم أحدهما بمقدار النصيب ولم يعلم الآخر، إن علم المشتري ولم يعلم البائع جاز البيع بلا خلاف، وإن علم البائع