للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يعلم المشتري فالمسألة على الخلاف، فكان تأويل المذكور في كتاب القسمة: إذا جهل أحدهما؛ إذا جهل المشروط له، وقوله: القسمة مردودة، يعني: في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. ومنهم من قال: لا بل الجواب في مسألة القسمة على ما أطلق، والقسمة مردودة في قولهم جميعاً، واختلفوا فيما بينهم.

قال بعضهم: إنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع، موضوع مسألة الشفعة أنه أضاف البيع إلى نصيبه، فيدخل تحت البيع جميع نصيبه بحكم الإضافة فلا يبقى للبائع حق المنازعة بعد ذلك بأن يقول: عينت نصيبي نصيب كذا دون كذا، وموضوع مسألة كتاب القسمة أنهما ذكرا الشقص مطلقاً غير مضاف إليهما، وعند ذكر الشقص مطلقاً إنهما ما جهل يقع بينهما منازعة في مقدار الشقص، الشارط يقول: عينت بالشقص بعض نصيبي، والمشروط له يقول: عنيت جميع نصيبك؛ لأن اسم الشقص كما ينطلق على الكثير ينطلق على القليل، فيقع بينهما منازعة مانعة من التسليم والتسلم.

ووزان مسألة البيع في مسألة القسمة ما إذا قال البائع بعت نصيباً من الدار ولم يقل بعت نصيبي وهناك لا يجوز البيع إذا جهل أحدهما النصيب، ووزان مسألة القسمة من مسألة البيع ما إذا قالا: الشقص الذي لنا في الدار الأقوى، وهناك كان الجواب في القسمة كالجواب في البيع.

وإلى هذا مال شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده، وشمس الأئمة السرخسي رحمه الله، ومن المشايخ من فرق بين القسمة والبيع.

والفرق: أن مبنى القسمة على المعادلة في المنفعة والمالية، ولا يصير ذلك معلوماً لكل واحد منهما إلا إذا كان الشقص معلوماً لكل واحد منهما، فأما البيع عند المعاينة يقصد به الاسترباح والمشتري هو الذي يقبض المبيع، فيشترط أن يكون مقداره معلوماً له، فأما حق البائع في الثمن وهو معلوم فيتحقق هذا المعنى.

نظير الفرق: إذا اقتسم الشركاء فيما بينهم، وفيهم شريك غائب أو صغير ليس له وصي لا تصح القسمة، وإن فعلوا ذلك بأمر القاضي صحت القسمة لأن فعلهم بأمر القاضي كفعل القاضي بنفسه ولو قسم القاضي بنفسه وفيهم غائب أو صغير تصح القسمة؛ وينتصب الحاضر خصماً عن القاضي، كذا إذا فعلوا بأمر القاضي، وإن قدم الغائب وأجاز قسمتهم جاز، وكذلك إذا بلغ الصغير وأجاز قسمتهم، لأن هذا تصرف عقد وله مجبر حال وقوعه، فإن الغائب يجبر، وكذلك ابن الصغير أو وصيه بجبر وكل تصرف وله مجبر حال وقوعه يتوقف.

فإن قيل: في هذا توقيف الشراء، ومن مذهبنا أن الشراء لا يتوقف.

قلنا: الشراء إنما لا يتوقف إذا كان شراء محضاً بأن اشترى شيئاً لغيره بدارهم بغير أمره، فأما إذا كان شراء فيه بيع فإنه يقف، كما لو اشترى جارية لنفسه بعبد للصغير، فإن شراء الجارية يقف لأنه بيع في حق العبد، إذا ثبت هذا فنقول: هذه القسمة شراء فيها معنى البيع فجاز أن يقف، فإن مات الغائب أو الصبي فأجاز وارثه عمل بإجازة الوارث

<<  <  ج: ص:  >  >>