ويقول: خيار الشرط يبطل بإنشاء السكنى ولا يبطل بالدوام عليه إذ لا فرق بينهما، ومن قال: خيار العيب في القسمة لا يبطل لا بإنشاء السكنى ولا بدوامه، قال: بأن خيار الشرط يبطل بإنشاء السكنى وبدوامه.
والفرق بينهما: وهو أن السكنى في خيار العيب يحتمل أن يكون لإمكان الرد بالعيب؛ لأن مدة الرد بالعيب قد تطول؛ لأن الرد بالعيب لا يكون إلا بقضاء أو برضا، وعسى لا يرضى به خصمه، فيحتاج إلى القضاء، والقضاء يعتمد سابقه الخصومة، ومدة الخصومة عسى تطول فمتى لم يسكنها تخرب، لأن الدار تخرب إذا لم يسكن فيها أحد، فيعجز عن الرد فيحتاج إلى السكنى لإمكان الرد بالعيب، فلا يكون اختياراً للملك وعلى هذا الاحتمال؛ فلهذا لا يسقط به خيار العيب.
فأما في خيار الشرط لا يحتاج إلى السكنى لإمكان الرد؛ لأنه يتمكن من الرد بنفسه من غير أن يتوقف ذلك على قضاء أو رضا فلا تطول مدة الرد، فلا يحتاج إلى السكنى لإمكان الرد فكان الاختيار الملك فيوجب سقوط خياره، وإذا باع قسمه الذي أصابه من الدار، ولا يعلم بالعيب، فرده المشتري عليه، إن قبله بغير قضاء فليس له أن ينقض القسمة، وإن قبله بقضاء فله أن ينقض القسمة، كما في البيع المحض.
فإن كان المشتري قد قدم شيئاً من الدار قبل أن يعلم بالعيب لم يكن له أن يردها، ويرجع بنقصان العيب كما في البيع المحض، قال: وليس للبائع أن يرجع بنقصان ذلك على من قاسمه، ذكر المسألة مطلقة من غير ذكر خلاف.
فمن مشايخنا من قال: ما ذكر هنا قول أبي حنيفة رحمه الله وحده، أما على قول أبي يوسف ومحمد يرجع بنقصان العيب على قسمته، وقاس هذه المسألة بمسألة ذكرها في كتاب الصلح.
وصورتها: رجل اشترى من آخر جارية وقبضها وباعها من غيره، فهلكت عند المشتري، ثم اطلع المشتري الثاني على عيب بها، فإن له أن يرجع بنقصان العيب على بائعه وهو المشتري الأول، وهل للمشتري الأول أن يرجع على بائعه؟ ذكر أن على قول أبي حنيفة: لا يرجع.
وعلى قولهما: يرجع فها هنا يجب أن يكون على الخلاف أيضاً، ومن المشايخ من يقول: ما ذكر في كتاب القسمة قول الكل، وفرق هذا القائل بين مسألة كتاب القسمة وبين مسألة كتاب الصلح.
ووجه الفرق: أن في مسألة كتاب القسمة إلتزم ضمان النقصان باختياره، فإنه كان يمكنه أن يقبل المبيع ولا يؤدي النقصان، فهو بمعنى قولنا: التزم ضمان النقصان باختياره فلا يرجع بذلك على غيره.
أما في مسألة كتاب الصلح التزم ضمان النقصان عن اضطرار وجبر، فإن القبول بعد الهلاك غير ممكن، فجاز أن يرجع بذلك على بائعه، ولكن هذا الفرق لا يكاد يصح؛ لأن في مسألة كتاب القسمة لا يمكنه القبول إلا بزيادة عيب يلزمه، فكان مضطراً في التزام