المسلم فيه على ما مر، فيشترط فيه جميع شرائط السلم.
يوضحه: أن وجوب الثياب ديناً في الذمة عرف بالشرع بخلاف القياس، وإنما جاء الشرع به بطريق السلم فيشترط فيه جميع شرائط السلم، وفي هذا كله إذا كانت الأجرة عيناً فإعلامه بالإشارة، لأن الإشارة أبلغ أسباب التعريف.
وإذا كانت الأجرة حيواناً لا يجوز إلا إذا كان عيناً، لأن الحيوان لا يجب ديناً في الذمة بدلاً عما هو مال، وإذا كانت الأجرة منفعة إن كانت من جنس المعقود عليه لا يجوز عندنا خلافاً للشافعي، وإن كان من خلاف جنس المعقود عليه جاز بلا خلاف.
بيان الأول: إذا استأجر سكنى دار بركوب دابة، والمسألة بيننا وبين الشافعي فرع مسألة أخرى عرفت في كتاب البيوع أن الجنس في المثمنين يحرم النساء عندنا خلافاً للشافعي، حتى لو أسلم فرهياً في مرمي لا يجوز عندنا خلافاً للشافعي، وبيع المنفعة بمنفعة من جنسها بمنزلة بيع العين بجنسه نساء، لأن النساء من البدل ما لا يكون عيناً والمنفعة ليست بمعين، لأنها معدومة فكان نساء، والجنسية في المثمنين تحرم النساء بخلاف ما إذا اختلف الجنس لأن النساء في الجنس المختلف ليس بحرام كما في بيع العين، حتى إنه لو أسلم فرهياً في مروي جاز، فهاهنا كذلك.
فإن قيل: إذا اختلف الجنس إن كان لا يفسد من العقد من هذا العقد يفسد من وجه آخر، لأن المنفعة دين من الجانبين والدينية من الجانبين توجب الفساد، وإن اختلف البدل.
قلنا: كلا البدلين من حيث الحقيقة إن لم يكن عيناً، لأنها معدومة إلا أن التي لم يصحبها حرف الباء تعتبر عيناً حكماً لأنها معقود عليه، ولا بد لانعقاد عقد المعاوضة من قيام المعقود عليه حالة العقد إذا لم يكن سلماً، وإذا كان كذلك أقيم محل المنفعة فيما لم يصحبه حرف الباء مقام المنفعة فيكون عيناً ولا ضرورة فيما صحبه حرف الباء، لأن ما صحبه حرف الباء يجوز أن يكون غير عين، ولا ضرورة بنا أن نعتبره عيناً ففي غير عين حقيقة وحكماً، والآخر اعتبر عيناً حكماً فكان بمنزلة بيع العين نساء بخلاف جنسه.
وفي «فتاوى أبي الليث» : لا حتى في معاوضة الشران بالشران للأكداس لأنها استبدال منفعة بمنفعة من جنسها، ثم إذا قوبلت المنفعة بمنفعة من جنسها حتى فسد العقد واستوفى الآخر المنفعة كان عليه أجر المثل في ظاهر الرواية، وعن أبو يوسف أنه لا شيء عليه لأن المنفعة إنما تتقوم إذا قوبلت بالمتقوم.
وجه ظاهر الرواية: أن لفظة الإجارة لفظة معاوضة، فصار كما لو استأجر داراً ولم يسم الأجر، ويسكنها هناك بحسب أجر المثل فهاهنا كذلك.
ولو كان عبد واحد بين اثنين فتهايئا فخدم أحدهما يوماً ولم يخدم الآخر فلا أجر له، وقال أبو الحسن في «جامعه» : إذا كان عبد واحد بين اثنين آجر أحدهما نصيبه من صاحبه ليخيط معه شهراً على أن يصوغ نصيبه مع هذا شهراً، فإن هذا لا يجوز في العبد الواحد، ولا يجوز في العملين المختلفين إذا كان في عبدين.