فكان عليه أن يصلح ما غير إذا أمكنه الإصلاح، وقد أمكنه الإصلاح إذا استيقن قبل الشروع في الصلاة ثم يستقبل الإقامة؛ لأنه لم يأت بأولها.
فرقٌ بين الإقامة وبين الأذان، فإن في الأذان لم يقل استقبل الأذان، وإنما قال يتم الأذان، وفي الإقامة قال: استقبل الإقامة.
والفرق: أنه أتى بأول الأذان إلا أنه غير آخرها، وأمكنه إصلاح ما غيّر، فلا حاجة إلى الاستقبال، أما في الإقامة لم يأت بأولها، وإنما أتى بآخرها، ولا يمكن بناء الآخر على الأول؛ لأن الأول لم يؤُخر بعده فلهذا قلنا بالاستقبال.
ثم في فصل الأذان قال يتم الأذان، ولم يبين صورة الإتمام.
وقد ذكر الشيخ الإمام الزاهد أبو نصر الصفار صورة، فقال؛ يعود إلى قوله حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، وإذا ظن الإقامة من أولها أداها وأتمها أذاناً ينبغي أن يعيد الإقامة؛ لأن التغيير في كله، ولو ألحق بأخرها قد قامت الصلاة، فصلى بها جاز ولو أنه حتى فعل في الإقامة بأفعل ظن بأن ذلك لا يجزيه، فاستقبل الأذان من أوله ثم أقام وصلى، فإنه يجوز؛ لأنه أتى باجتهاد وأكملها.
ومن فاتته صلاة عن وقتها، فقضاها في وقت آخر أذن لها وأقام واحداً كان أو جماعة لحديث ليلة التعريس حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلّمفي وادٍ، فقال: من يكلؤنا الليلة، فقال؛ بلال أو أنس رضي الله عنهما أنا، فغلب رسول الله صلى الله عليه وسلّمالنوم يومئذٍ إلى مؤخر وحمله ونام، فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس، وكان عمر رضي الله عنه رابعهم، فاستيقظ ونادى فاستيقظ النبي عليه السلام من صياحه، وأمر بلالاً فأذن، فصلوا ركعتي الفجر ثم أمر بلالاً، فأقام، وصلى بهم الفجر.
وشُغل رسول الله عليه السلام عن أربع صلوات يوم الخندق فقضاهُنّ بعد ... من الليل.
قال ابن مسعود رضي الله عنه أمر بلالاً، فأذن وأقام الأولى ثم أقام لكل صلاة بعدها، وقال جابر أمره فأذن وأقام لكل صلاة، وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أمره بالإقامة لكل صلاة، والمعنى فيه وهو أن القضاء على نية الأداء وسنية الأداء بالأذان، والإقامة بجماعة، فكذلك القضاء، فإن اكتفوا بالإقامة لكل صلاة جائز؛ لأن الأذان لإعلام الناس، ولا حاجة إلى ذلك في القضاء، والإقامة لإقامة الصلاة، وهو محتاج إلى ذلك، ولكن الأحسن أن يؤذن ويقيم لكل صلاة، ليكون القضاء على سنّة الأداء، ولأنه إن لم يكن محتاجاً إلى الإعلام، فهو محتاج إلى أجر الثواب، وقد عرف ثواب الأذان والإقامة ذكره الإمام الأجل شمس الأئمة السرخسي. قال الفقيه أبو جعفر الهندواني رحمه الله: والأحسن أن يؤذن ويقيم الأولى، ثم بعد ذلك يقضي كل صلاة