للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإقامة بغير أذان؛ لأن المقصود من الأذان هو الإعلام وهم مجتمعون، فلا حاجة إلى الإعلام أما الإقامة للتأهب والتحريم، وهو محتاج إلى ذلك. ذكره الإمام الصفار رحمه الله.

وإن صلوا بغير أذان وإقامة وجماعة يجوز؛ لأن فعل النبي عليه السلام يدل على الجواز، ولا يدل على الوجوب، وفي «الجامع الهاروني» قدّم ذكر، وإفساد صلاة صلوها في غير وقت تلك الصلاة قضوها بأذان وإقامة في غير المسجد الذي صلوا فيه تلك الصلاة مرّة، وإن ذكروها في وقتها صلوها في ذلك المسجد، ولا يعيدون الأذان والإقامة، فإن صلوا بإقامة في ذلك المسجد صلوها وحدانا، والله أعلم.

(نوع آخر) في المتفرقات من هذا الفصل

إذا صلى رجل في بيته واكتفى بأذان الناس وإقامتهم أجزأه من غير كراهة، لما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه صلى بعلقمة والأسود في بيت، فقيل له: ألا تؤذن وتقيم؟ فقال: أذان الحي يكفينا، ولأن مؤذن الحي نائب عن أهل المحلة في الأذان والإقامة؛ لأنهم هم الذين نصبوه لها، فكان نائباً عنهم، فيكون الأذان والإقامة من المؤذن كأذان الكل بالكل وإقامتهم من حيث الحكم والاعتبار، وإذا جعل أذانه وإقامته من له أذانهم وإقامتهم، فقد وجد الأذان والإقامة منهم من حيث الحكم والاعتبار إن لم يوجد جميعه.

فرق بين هنا وبين المسافر إذا صلى وحده وترك الأذان والإقامة أو ترك الإقامة، فإنه يكره له ذلك. والمقيم إذا صلى وحده بغير أذان ولا إقامة، لا يكره.

والفرق: أن المقيم إن صلى بغير أذان وإقامة حقيقة، ولكنه صلى بأذان وإقامة من حيث الحكم والاعتبار، فأما المسافر فقد صلى بغير أذان وإقامة حقيقية وحكماً، فيكره لهذا.

وإن أذن وأقام وحده فهو أحسن؛ لأن المستفرد مندوب إلى أن يؤدي الصلاة على هيئة الجماعة، ولهذا كان الأفضل أن يخفي بالقراءة في صلاة الجهر، وكذلك إن أقام ولم يؤذن؛ لأن الأذان لإعلام الناس حتى يجتمعوا، وذلك غير موجود ههنا، والإقامة لإقامة الصلاة وهو يقيمها.

والدليل عليه ما روى طاوس: أنه قال: إذا صلى الرجل وحده إن صلى بإقامته صلى معه ملكاه، وإن صلى بأذان وإقامة صلى من وراءه من الملائكة ما يسد الأفق، قال القاضي الإمام صدر الإسلام؛ إذا لم يؤذن في تلك المحلة يكره له تركهما، ولو ترك الأذان وحده لا يكره.

والقدوري في «شرحه» روى عن أبي حنيفة في الجماعة: إذا صلوا في منزل أو مسجد فنزل بغير أذان ولا إقامة بهم أساؤوا، ولا يكره للواحد؛ لأن أذان الجماعة يقع الأفراد وأما لا يقع لجماعة أخرى ومن سمع الأذان، فعليه أن يجيب، قال عليه السلام: «من لم يجب الأذان فلا صلاة له» قال شمس الأئمة الحلواني تكلم الناس في الإجابة،

<<  <  ج: ص:  >  >>