للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعضهم هي الإجابة بالقدم لا باللسان حتى لو أجاب باللسان ولم يمشِ إلى المسجد لا يكون مجيباً ولو كان حاضراً في المسجد حتى سمع الأذان، فليست بالإجابة.

وقوله عليه السلام. «من قال مثل ما يقوله المؤذن، فله من الأجر كذا» فهو كذلك إن قاله نال الثواب الموعود، وإن لم يقل لم ينل الثواب الموعود فأما إني نائم أَوَ يكره له ذلك، فلا وإذا رد الجواب باللسان لنيل الثواب الموعود، فكل ما هو ثناء وشهادة يقول كما قال المؤذن، وعند قوله حيَّ على الصلاة حيّ على الفلاح، يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ما شاء الله كان.

رجل دخل مسجداً صلى فيه أهله، فإنه يصلي وحده من غير أذان وإقامة، ويكره أن يصلي بجماعة بأذان وإقامة، والأصل في ذلك ما روي أن رسول الله خرج ليصلح بين الأنصار، واستخلف عبد الرحمن بن عوف، فرجع بعدما صلى عبد الرحمن فدخل جميع أصحابه وصلى بهم، ولو كان يجوز إعادة الصلاة في المسجد لما ترك الصلاة في المسجد، مع أن الصلاة في المسجد أفضل، وبأن في هذا التعليل الجماعة؛ لأن الجماعة إذا كانت لا تفوتهم لا يعجلون للحضور، فإن كل أحد يعتمد على جماعته، وبه وقع الفرق بين هذا وبينما إذا صلى فيه قوم ليسوا من أهله حيث كان لأهله أن يصلوا فيه بجماعة بأذان وإقامة؛ لأن تكرار الجماعة هنا لا يؤدي إلى تقليل الجماعة.

وروي عن أبي يوسف في الفصل الأول أنه قال: إنما يكره تكرار الجماعة إذا كان القوم كثيراً، أما إذا صلى واحد بواحد أو باثنين بعدما صلى فيه أهله فلا بأس، لما روي أن رسول الله عليه السلام صلى بأصحابه، فدخل أعرابي وقام يصلي فقال عليه السلام: «من يتصدق على هذا فيقوم ويصلي معه» (٥٥أ١) .

فقام أبو بكر وصلى معه، وروي عن محمد أنه لم يرَ بالتكرار بأساً إذا صلوا في زاوية من المسجد على سبيل الخفية إنما يكره على سبيل التداعي والاجتماع.

قال القدوري في «كتابه» : وإن كان المسجد على قارعة الطريق ليس له قوم معينين، فلا بأس بتكرار الجماعة فيه؛ لأن تكرار الجماعة في هذا الفصل لا يؤدي إلى تقليل الجماعة جماعة من أهل المسجد إذا نوى في المسجد على وجه المخافتة بحيث لم يسمع غيرهم، وصلوا ثم حضر قوم من أهل المسجد، ولم يعلموا ما صنع الفريق الأول، وإذا نوى على وجه الجهر والإعلان ثم علموا ما صنع الفريق الأول، فلهم أن يصلوا بالجماعة على وجهها لا غيره بالجماعة الأولى؛ لأنها ما أقيمت على وجه السنّة بإظهار الأذان والإقامة، ولا يبطل حق الباقين.

ولا بأس بالتطريب في الأذان، وهو تحسين الصوت من غير أن يتغير، فإن تغير بلحنه أو ما أشبه ذلك كره، قال شمس الأئمة الحلواني؛ إنما يكره ذلك فيما كان من

<<  <  ج: ص:  >  >>