الخيار، ولا بعد مضي مدة الخيار وليس لأحدهما فيه خيار الشرط فكان معتبراً بالصحيح من الإجارة التي ليس لأحد فيها خيار ولا يضمن ما انهدم من سكناه في مدة الخيار لأن الفاسد من المعقود معتبر بالصحيح.
ولو كانت الإجارة جائزة والخيار فيها للمستأجر إذا سكن في مدة الخيار وانهدم الدار من سكناه لم يضمن؛ لأن بالسكنى سقط خياره وملكا عندهم جميعاً فصار مستوفياً بحكم الإجارة فلم يضمن ما انهدم من سكناه فكذلك هذا.
كما في بيع العين إذا كان المشتري بالخيار وقبض ما اشترى وهلك شيء مما في يده لزمه البيع، وكان عليه الثمن كذا هاهنا وهذا بخلاف ما لو كان الخيار مشروطاً لصاحب الدار، فإنه يضمن المستأجر قيمة ما انهدم من سكناه في مدة الخيار، كما في بيع العين إذا هلك شيء في يد المشتري وكان الخيار للبائع، فإنه يضمن قيمة ذلك كما لو كان غاصباً فكذلك هذا.
وإن قال: لنا بالخيار ثلاثة أيام فإن رضيتها أخذتها بمئة درهم كانت الإجارة جائزة، لأن البدل معلوم إلا أنه شرط فيها خيار وصار الشرط مما لا يفسد عقد الإجارة عندنا.
وقال الشافعي: بأنه يفسدها وذهب في ذلك إلى أن خيار الشرط في الإجارة يجعل الإجارة بمعنى المضاف؛ لأن الخيار متى سقط لا يقع الملك من وقت العقد؛ لأن ما وجد من المنافع في مدة الخيار بثلاث، وإنما يقع من حين سقوط الخيار فيصير بمعنى المضاف ومن مذهبه أن إضافة الإجارة إلى وقت أبي لا يجوز بخلاف البيع؛ لأن البيع قائم وقت سقوط الخيار، فلا يصير بمعنى المضاف.
وعلماؤنا رحمهم الله ذهبوا في ذلك إلى أنه من كأنه يصير بمنزلة المضاف إلى وقت سقوط الخيار إلا أن إضافة الإجارة إلى وقت أبي جائز عندنا؛ لأن الإجارة مما يتحدد انعقادها على حسب حدوث المنافع في نفسها فيصير مضافاً من حيث الاعتبار فتصير المسألة على هذا فرعاً لتلك المسألة، فإن سكنها في ثلاثة أيام فقد لزمته الإجارة وكان عليه أجر ما سكن ولا ضمان عليه فيما انهدم قالوا: أورد هذه المسألة عقيب الأولى ليثبت حكم إجارة صحيحة شرط فيها الخيار للمستأجر حتى يعتبر الفاسد به رجل استأجر ثوراً من رجل ليطحن عليه كل يوم عشرين قفيراً فوجده المستأجر لا يطحن إلا عشرة أقفرة كان المستأجر بالخيار، وإن شاء رضي به كذلك وإن شاء رد؛ لأنه لم يسلم له شرط منتفع به فيتخير.
كما لو اشترى عبداً على أنه كاتب أو خباز فوجده غير كاتب وغير خباز فإن (١٨ب٤) رضي به لزمه أجر كل يوم بتمامه كما في بيع العين إذا رضى بالعبد كذلك غير كاتب وغير خباز لزمه جميع الثمن، وإن كان عليه أجر اليوم الذي استعمله بتمامه ولا يحط عنه شيء بسبب النقصان عن العمل؛ لأن الإجارة وقعت على الوقت، ولهذا يستحق الأجر وإن لم يطحن عليها شيئاً وكان ذكر المقدار لبيان قوة الدابة ومبلغ عمله لا لتعليق