مكان معلوم على أنه إن حمل عليها حنطة فالأجر عشرة وإن حمل عليها شعيراً فالأجر خمسة جاز في قول أبي حنيفة الآخر خلافاً لهما.
وعلى هذا إذا استأجر دابة إلى مكان معلوم على أنه إن حمل عليها هذه الحمولة فالأجر عشرة وإن ركبها فالأجر خمسة فالعقد جائز في قول أبي حنيفة خلافاً لهما مما قالا، بأن الأجر قد يجب بدون الركوب.
ألا ترى أنه لو ساقها ولم يركبها وقد شرط في العقد الركوب يجب الأجر، وكذلك إذا ساقها ولم يحمل عليها وقد شرط في العقد الحمل يجب الأجر، فإذا ساقها وقد شرط في العقد ما وضعت لك من الركوب أو الحمل لا يدري ما يعطيه من الأجر، ولأبي حنيفة رحمه الله ما ذكرنا أن الأجر لا يجب بنفس العقد وإنما يجب بالعمل وحال وجوده الأجر معلوم.
واختلفت عبارة المشايخ على قول أبي حنيفة في تخريج مسألة الدابة والدار إذا سلم الدار ولم يسكن وإذا سلم الدابة ولم يحمل عليها شيئاً ولم يركبها.
بعضهم قالوا: يجب أقل المسميين؛ لأن التسليم لا يكون لهما وإنما يكون لأحدهما فمتى جعلناه للخياطة أو للشعير أو للركوب فالخمسة واجبة، ومتى جعلناه للحدادة أو للحنطة أو للحمل، فالعشرة واجبة والخمسة منتفية، وما زاد عليها مشكوك والمال لا يجب بالشك.
وإذا كان كذلك كان موجب هذا العقد خمسة متى وجب الأجر بالتسليم بدون العمل، والمسمى بمقابلة كل منفعة إن وجد استيفاء المنفعة وكل ذلك معلوم حالة الوجوب.
وبعضهم قالوا: إذا وجد التسليم ولم يوجد استيفاء المنفعة يجعل التسليم لهما إذ ليس أحدهما بأن يجعل التسليم له بأولى من الآخر فيجعل النصف لهذا والنصف للآخر فيجب نصف أجر الحدادة ونصف أجر القصارة ونصف أجر الحمل ونصف أجر الركوب، إذا وجب هكذا صار موجب هذه الإجارة سبعة ونصف متى وجب الأجر بالتسليم بدون استيفاء المنفعة، وإن وجد استيفاء المنفعة يجب المسمى بمقابلة تلك المنفعة وكل ذلك معلوم حالة الوجوب.
قال في «الجامع الصغير» : إذا استأجر من آخر دابة إلى الحيرة بنصف درهم، فإن جاوزتها إلى القادسية فدرهم فهو جائز، ذكر المسألة مطلقة من غير ذكر خلاف، فيحتمل أن يكون هذا قول الكل ويحتمل أن يكون قول أبي حنيفة خاصة كما في المسائل المتقدمة.
وذكر الكرخي مثل هذه المسألة وفصّل الجواب فيها تفصيلاً.
وصورة ما ذكر الكرخي: إذا استأجر دابة من بغداد إلى القصر بخمسة وإلى الكوفة بعشرة، فإن كانت المسافة إلى القصر نصف المسافة إلى الكوفة فالعقد جائز وإن كان قأل أو أكثر فالعقد فاسد، وهذا لأن المسافة إلى القصر إذا كانت نصف المسافة إلى الكوفة فحال ما يسير فالأجر معلوم، وهو خمسة إلى القصر جاوز القصر أو لم يجاوز، فأما إذا