على العين وهو اللبن مقصوداً، وإنما يرد على فعل التربية والحضانة وخدمة الصبي، واللبن يدخل فيه تبعاً لهذه الأشياء، هذا جائز.
كما لو استأجر صباغاً يصبغ له الثوب فإنها جائزة، وطريق الجواز: أن يجعل العقد وارداً على فعل الصبّاغ، والصبغ يدخل فيها تبعاً فلم تكن الإجارة واردة على استهلاك العين مقصوداً خرج على هذا فصل البقرة والشاة، لأن هناك عقد الإجارة يرد على استهلاك العين مقصوداً، وإذا جازت هذه الإجارة نظر بعد هذا إن لم يشترط في عقد الإجارة أنها ترضع الصبي في منزل الأب، ولم يكن العرف فيما بين الناس أنها ترضع الصبي في منزل الأب وإن شاءت أرضعته في منزلها، لأنه إنما يستحق على الأجير ما شرط عليه ولم يشترط عليها الإرضاع في منزل الأب لا نصاً ولا عرفاً، فلا يلزمها ذلك وإن شرط عليها الإرضاع في منزل الأب أرضعته في بيت الأب، وكان ينبغي أن لا يصح هذا الشرط؛ لأن هذا شرط لا يقتضيه مطلق العقد، ولأحد المتعاقدين فيه منفعة.
والجواب: أن الثابت بهذا الشرط زيادة جودة في المعقود عليه، لأن الإرضاع في منزل الأب أجود للصبي من الإرضاع في منزل الظئر؛ لأن الظئر تخشى من الأب في منزله، فتحسن في الإرضاع ما لا تحسن في منزلها واشتراط زيادة الجودة في المعقود (٢٣أ٤) عليه الذي لا يقتضيه مطلق العقد لا يفسد العقد.
كما لو اشترى عبداً على أنه كاتب أو اشترى بدراهم جياد، وكذلك إذا لم يشترط ذلك عليها صريحاً لكن كان العرف الظاهر فيما بين الناس أن الظئر ترضع الصبي في منزل أبيه لزمها ذلك، لأن المعروف فيما بين الناس كالمشروط ولو ضاع الصبي من يدها أو وقع فمات أو سرق شيء من حلي الصبي، أو ثيابه فلا ضمان على الظئر أما ضمان الصبي فلأنه ضمان آدمي، وضمان الآدمي لا يجب بالعقد.
ألا ترى أن ضمان الآدمي تتحمله العاقلة، وضمان المعقود لا تتحمله العاقلة كالثمن والأجر وهذا ضمان عقد فإنه لولا عقد الإجارة لما ضمن الظئر، وأما ضمان ما على الصغير من الثياب والحلي؛ لأن ما عليه تبع له فإذا لم يجب الضمان للأصل.
فكيف يجب ضمان البيع وطعام الظئر وكسوتها على الظئر إذا لم يشترط ذلك في عقد الإجارة على المستأجر، لأن الأجير بعقد الإجارة إنما يستحق على المستأجر ما شرط له.
فإن قيل: الطعام إن لم يكن مشروطاً لها نصاً فهو مشروط لها عرفاً والمعروف كالمشروط.
قلنا: إنما يجعل المعروف كالمشروط في العقد إذا كان فيه تجويز العقد وفي جعل الطعام مشروطاً لها في العقد فساد العقد عندهما قياساً واستحساناً، وعند أبي حنيفة رحمه الله قياساً فلا يجعل ذلك مشروطاً في العقد.
ثم إذ استأجر بالدراهم فلا بد من بيان قدرها وصفتها، وإن استأجرها بمكيل أو موزون فلابد من بيان قدره وصفته وإن استأجرها بثياب يشترط فيه جميع شرائط السلم،