للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس للظئر ولا للمسترضع أن تفسخ هذه الإجارة إلا بعذر كما في سائر الإجارات، وكان ينبغي أن تكون للظئر ولاية الفسخ من غير عذر، لأن المعقود عليه في جانبها اللبن وإنه عين واستهلاك العين عذر في فسخ العقد كما في باب المزارعة، فإن لمن كان البذر من جهته حق فسخ المزارعة لأنه يحتاج إلى استهلاك العين.

وكما إذا استأجر جزاراً ليجزر له حقاً من هذا الأديم، ثم بدا له أن لا يقطع الأديم كان له فسخ العقد، لأنه يحتاج إلى استهلاك العين كذا هاهنا.

والجواب هذا هكذا إذا كانت العين متقوماً يضمن بالاستهلاك، وما يستهلك من اللبن ليس بمال متقوم يضمن بالاستهلاك، فكان اللبن والمنفعة سواء فلا يعتبر استهلاكه عذراً في الفسخ والعذر لأجل الصبي أن لا يأخذ لبنها أو معناً، لأن المقصود لا يحصل متى كانت الحالة هذه وكذلك إذا حبلت لأن الحبل يفسد اللبن، وكذلك إذا مرضت لأن اللبن يفسد بسائر أنواع المرض.

وكذلك إذا كانت سارقة لأنه يلحقهم زيادة ضرر، وكذلك إذا كانت فاجرة بينة الفجور لأنها ربما تحبل بما تدخل بيتهم فاجراً إن كانت ترضع في بيتهم، وفي ذلك ضرر على أهل الصبي ولأنها تتشاغل عن حفظ الصبي، وكذلك إذا أرادوا سفراً وأبت هي الخروج معهم وهذا لأنه لا يجب على الظئر بعقد الإجارة أن تسافر معهم، لا يجب على أهل الصغير ترك المسافرة وفي ترك الصغير عند الظئر ضرر لأهله، فيتعين الفسخ عند انتفاء هذه الوجوه.

وكذلك إذا كانت سيئة الخلق بذيئة اللسان لأنه لا يمكنهم تسليم المعقود عليه إلا بتحمل الأذى، وفيه ضرر زائد والعذر من جانب الظئر أن تمرض مرضاً لا تستطيع معه الإرضاع إلا بمشقة تلحقها، لأنه لا يمكنها إيفاء المعقود عليه إلا بزيادة ضرر.

وكذلك إذا حبلت وكذلك إذا آذوها بألسنتهم ولم يكفوا عنها لأنه لا يمكنها تسليم المعقود عليه إلا بضرر زائد، وهو ضرر تحمل الأذى.

وكذلك إذا لم تكن معروفة بالظئورة وهي ممن يعاب عليها، فلها الفسخ بخلاف ما إذا كانت تعرف بذلك ومعنى قوله لا تعرف بذلك أن تكون هذه أول إجارة منها، وإن كان الصبي قد ألفها ولا يأخذ لبن غيرها وهي لا تعرف بالظئورة كان لها الفسخ أيضاً في ظاهر الرواية.

وروي عن أبي يوسف: أنها ليس لها الفسخ إذا كان يخاف على الصبي من ذلك، قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: والاعتماد على رواية أبي يوسف، وتأويل قول محمد إذا كان الصبي يعالج بالغذاء من الفانيد والسمن ونحو ذلك مما يعالج به الصبيان أو يأخذ لبن الغير بنوع حيلة، أما إذا كان لا يعالج بالغذاء، ولا يأخذ لبن غيره فجواب محمد رحمه الله كجواب أبي يوسف وعليه الفتوى.

وفي «العيون» : إذا استأجر ظئراً لصبي شهراً، فلما انقضى الشهر أبت أن ترضعه والصبي لا يقبل ثدي غيرها، قال محمد رحمه الله: أخبرها على أن ترضعه بأجر مثلها، قال الحاكم: يحتمل أن يكون هذا الجواب في المعروفة بهذا الغدر وإذا كان لها زوج معروف فأجرت نفسها للظئورة بغير إذن الزوج.

<<  <  ج: ص:  >  >>