للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا الجواب: إذا أعطاه شبكة ليصيد بها على أن ما صاد بها من شيء فهو بينهما، فما اصطاد يكون للصائد؛ لأن الصيد مباح كالماء يملكه الصائد بالإحراز وعليه أجر مثل الشبكة؛ لأنه استعمل الشبكة بحكم إجارة فاسدة؛ لأنه جعل الأجر نصف ما يحصل من عمله.

وإذا تكارى الرجل بعيراً ليحمل عليها أمتعة نفسه ويبيعها من الناس على أن يكون أجر البعير نصف ما يحصل بتجارته، فهذا فاسد وجميع ما اكتسب المستكري هو له، وعليه لصاحب البعير أجر مثل بعيره لاستيفائه منفعة البعير بحكم إجارة فاسدة.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل بيتاً ليبيع فيه البر، على أن ما رزق الله في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فقبض البيت، وباع فيه البر، فأصاب مالاً، فإن جميع ذلك لصاحب البر، ولصاحب البيت عليه أجر مثل البيت.

واعلم بأن هذه الإجارة فاسدة؛ لأنه لم يذكر فيها مدة؛ ولأن الأجر فهو نصف ما يربح مجهول، وإذا فسدت الإجارة كان على العامل أجر مثل البيت، وكان ما أصاب العامل من المال له؛ لأنه بدل بره، ولو كان صاحب البيت دفع البيت إليه ليؤاجر ويباع فيه البر على ما رزق الله من شيء فهو بينهما فهذا فاسد؛ لأن المدة مجهولة والأجر مجهول، فإذا أجر البيت وأخذ أجره، كان الأجر كله لصاحب البيت؛ لأنه بدل منافع بيته وقد أجره بإذنه؛ لأنه استأجره ليؤاجره بيته إجارة فاسدة، فإذا استوفى عمله؛ لأن على رب البيت أجر مثل عمله بخلاف المسألة الأولى، فإن ثمة ما أصاب العامل من المال يكون كله له؛ لأنه بدل بره أما ها هنا بخلافه.

وفي «فتاوى الفضلي» : استأجر رجلاً ليحصل له القصب في الأجمة على أن يعطي أجره خمس حزمات من قصب هذه الأجمة لا يجوز؛ لأنه في معنى قفيز الطحان؛ ولأن الحزمات مجهولة، وإن عين خمس حزمات، وقال: استأجرتك بهذه الحزمات الخمس يجوز، ولو لم يضف الأجر إلى قصب الأجمة، بل قال: استأجرتك على أن تحصد هذه الأجمة بخمس حزمات من القصب لا يجوز لجهالة الحزمات.

بخلاف بذرته الكدس واجتناء القطن بحيث يجوز إذا ذكر في الأجر حنطة أو قطناً من غير أن يضاف إلى حنطة الكدس أو القطن المجتنى، وإن كان لا يجوز إذا أضيف إليهما.

والفرق: أن هناك المفسد عند الإضابة ليس هو الجهالة؛ لأن الحنطة والقطن لا يتفاوت الوسط منهما بل المفسد كون ذلك في معنى قفيز الطحان، وإذا لم يضف لم يكن في معنى قفيز الطحان، وها هنا المفسد عند الإضافة كونه في معنى قفيز الطحان، والجهالة وبعدم الإضافة لا يخرج عن حد الجهالة، فلم يجز.

نوع آخر

في فساد الإجارة إذا كان المستأجر مشغولاً بغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>