ومحمد والشافعي رحمهم الله: يجوز بلا خلاف في ظاهر الرواية.
وروي في «النوادر» عن أبي حنيفة أنه لا يجوز ولو أجر داره من رجل ثم تقايلا العقد في النصف لا يبطل العقد في النصف الباقي بلا خلاف في ظاهر الرواية وفي «النوادر» عن أبي حنيفة أنه تبطل الإجارة في النصف الباقي، وإذا أجره داره من رجلين يجوز بلا خلاف، وإذا مات أحدهما تبطل الإجارة في نصيبه، وتبقى في نصيب الحي صحيحة.
وكذلك إذا أجر الرجلان داراً من رجل، فمات أحد المؤاجرين، بطلت الإجارة في نصيبه، وفي نصيب الحي صحيحة، وكذا إذا مات أحد المتكاريين بطل الكراء في نصيبه، ويبقى في نصيب الآجر، وإذا كانت الدار بين الرجلين آجر أحدهما نصيبه من أجنبي، فقد اختلف المشايخ فيه على قول أبي حنيفة.
بعضهم قالوا: لا يجوز، وهكذا روى الحسن في «جامعه» عن أبي حنيفة وعندهما يجوز، ولو استأجر علو منزل ليمر فيه إلى حجرته لا يجوز عند أبي حنيفة، وعندهما يجوز.
وكذلك إذا استأجر السفل ليمر فيه إلى سكنه لم يجز في قول أبي حنيفة، وعندهما يجوز، لأن المستأجر مشاع، وإجارة المشاع على الخلاف الذي قلنا.
قال الشيخ الإمام الزاهد أحمد الطواويسي رحمه الله: ينبغي أن لا تجوز هذه الإجارة إجماعاً؛ لأن المعقود عليه مجهول؛ لأن موضوع المسألة أن الطريق غير معين، وجهالة المعقود عليه تمنع جواز الإجارة إجماعاً، ولا يجوز إجارة البناء دون الأرض هكذا ذكر في «الأصل» وذكر محمد في «النوادر» في مواضع أنه يجوز، قال القاضي الإمام أبو علي النسفي: وبه كان يفتي شيخنا وقاسه بإجارة الفسطاط والخيمة.
نوع آخر في الاستئجار على الطاعات
وإذا استأجر الرجل رجلاً ليعلمه القرآن، أو ليعلم ولده القرآن لا يجوز، ومعناه أنه لا ينعقد العقد أصلاً حتى لا يجب للأجير شيء بحال من الأحوال، هذا جواب «الكتاب» ، وإنما لم يجز؛ لأن الإجارة وقعت على عمل ليس في وسع الأجير إبقاؤه؛ لأن التعليم إنما يتم بالتعلم كالكسر بالانكسار، والتعلم ليس في وسع المعلم، ومثل هذا الاستئجار لا يجوز.
ومشايخ بلخ جوزوا الاستئجار على تعليم القرآن، إذا ضرب لذلك مدة أفتوا بوجوب أجر المثل قالوا: وإنما كره تعليم القرآن بالأجر في الصدر الأول؛ لأن حملة القرآن كانوا قليلاً فكان التعليم واجباً حتى لا يذهب القرآن، فأما في زماننا كثر حملة القرآن ولم يبق التعليم واجباً، فجاز الاستئجار عليه.
وذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري كان المتأخرون من أصحابنا يجوزون ذلك، ويقولون إنما كان المتقدمون يكرهون ذلك لأنه كان للمعلمين عطيات من