ومن المشايخ من يقول: يحكم الثمن إن كان الثمن الذي قوبل بالأشجار مثل قيمة الأشجار أو أكثر يستدل به على أن بيع الأشجار بيع رغبة، فتجوز الإجارة بعد ذلك، ومالا فلا، وكان الحاكم الإمام عبد الرحمن الكاتب والشيخ الإمام إسماعيل الزاهد وغيرهما من المشايخ يقولون: إن الإجارة صحيحة، وبيع الأشجار بيع رغبة إلا أن المستأجر يمنع عن قلع الأشجار لمكان العرف والعادة، وقد يمنع الإنسان عن التصرف في ملكه كما يمنع عن بيع السلاح في أيام القسمة من أهل القسمة.
وكان الطحاوى رحمه الله: يقول بصحة بيع الأشجار، وبصحة هذه الإجارة بشرط أن يبيع الأشجار بطريقها، ويبين طريقاً معلوماً لهما من جانب من جوانب الأرض، أما بدون ذلك لا يجوز البيع ولا الإجارة بعده.
ومن المشايخ من زين حيلة بيع الأشجار من وجه آخر، فقال: في بيع الأشجار مطلقاً يدخل موضعها من الأرض في البيع على أصح الروايتين، فإذا دخل لا يمكن تجويز إجارة ذلك الموضع؛ إما لأن المستأجر يصير مستأجراً ملك نفسه؛ أو لأن استئجار الأرض لتنقية الأشجار وقد وقع الاستغناء عن استئجار موضع الأشجار لتنقية الأشجار لدخول ذلك الموضع في بيع الشجر، وإذا صار موضع الاستئجار ملك مشتري الأشجار، فإذا استأجر الأرض بعد ذلك صار مستأجراً ملك نفسه، وملك رب الأرض بصفقة واحدة، وإنه لا يجوز، ثم إذا فسخت الإجارة وكان فيها بيع الأشجار لا يشترط فسخ بيع الأشجار نصاً بعد فسخ الإجارة، بل ينفسخ البيع في الأشجار بطريق الدلالة، والفسخ مما يثبت بطريق الدلالة.u
وإذا اشترى ثمرة في نخل، ثم استأجر النخل مدة لتنقيتها فيها لم يجز؛ لأنها ليست من إجارات الناس.
وكذلك لو استأجر الأرض بدون النخلة لم يجز؛ لأن النخل حائل بينة وبين الثمرة، وإنه ملك المؤاجر، والمستأجر مشغول بملك المؤاجر.
وكذلك إذا اشترى أطراف الرطبة دون أصلها، ثم استأجر الأرض لإبقاء الرطبة لا يجوز؛ لأن أصل الرطبة على ملك الآجر، فقد حال بينه وبين المستأجر ملك الآجر.
ولو اشترى نخلة فيها، ثم ليقلعها، ثم استأجر الأرض لتنقينها جاز، وكذلك إذا اشترى الرطبة بأصلها ليقلعها، ثم استأجر الأرض لتنقيتها جاز؛ لأن الأرض مشغولة بملك المستأجر، وذلك لا يمنع جواز العقد.
ولو استعار الأرض في ذلك كله جاز؛ لأن العارية تبرع لا يتعلق به اللزوم، فيجوز بيع الشيوع، وما هو في معنى الشيوع.
ومما يتصل بهذا النوع مسائل الشيوع في الإجارة
قال محمد رحمه الله: في رجل أجر نصف داره مشاعاً من أجنبي لم يجز، وإذا سكن المستأجر فيها يجب أجر المثل، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله، وقال أبو يوسف