للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنعقد على ما كان يملكه المستأجر قبل الإجارة من غير إجارة، ولا تنعقد على حمله وتقليب الأوراق وإن كان لا يملكه المستأجر من غير إجارة؛ لأنه لا فائدة للمستأجر في ذلك، ألا ترى أنه لو نصّ فقال: استأجرت منك هذا الكتاب لأحمله وأقلب أوراقه، بأن الإجارة لا تصح فكذلك ها هنا.

وكذلك إذا استأجر قارئاً ليقرأ عليه شيئاً لا يجوز؛ لأن القراءة التي وقعت الإجارة عليها إن كانت طاعة أو معصية لا تجوز الإجارة عليها، إما لأن الاستئجار على الطاعات والمعاصي باطلة وإما لأن القارىء مع السّامع يشتركان في منفعة القراءة؛ لأنه كما ينتفع السامع بالقراءة من حيث العظة والتلذّذ ينتفع بها القارىء لعمل فقد استأجره لعمل هو شريك فيه، ومثل هذا لا يجوز على ما مرّ، وإن كانت القراءة التي وقع عليها الإجارة مباحاً كقراءة كتب الأدب وما أشبه ذلك، لا تجوز الإجارة عليها للوجه الثاني.

نوع منه في الاستئجار على الأفعال المباحة

نحو تعليم الصناعة والتجارة والهدم والبناء والحفر وأشباه ذلك.

وإذا دفع عبده إلى رجل يقوم عليه أشهراً مسماة في تعليم النسخ على إن أعطاه المولى كل شهر شيئاً مسمّى فهو جائز، أما على قول من قال: بأن الإجارة على تعليم القرآن لم تجز؛ لأن تعليم القرآن طاعة فظاهر؛ لأن تعليم النسخ مباح وليس بطاعة، وأما على قول من قال: بأن الإجارة على تعليم القرآن إنما لا تجوز؛ لأن التعليم ليس من عمل الأجير بل من فهم المتعلم، فلأن الإجارة هاهنا وقعت على أن يقوم عليه ويحفظه، ولكن ذكر الشيخ لرعب المولى فيما يحصل له في أثناء العقد عن عمل الحياكة، فإن الصبيّ ربما يأخذ ذلك لفهمه وذكائه، فهذا جاري مجرى البيع والمقصود هو القيام عليه وفي وسع الأستاذ الوقاية حتى لو شرط عليه تعليم الحياكة، ولم يقل ليقوم عليه في عمل كذا يجب أن لا يجوز كما في تعليم القرآن.

ولو شرط على المعلم أن يقوم على ولده شهراً في تعليم القرآن يجب أن يجوز، وإن كان الأستاذ هو الذي شرط للمولى أن يعطيه ذلك ويقوم على غلامه في تعليم ذلك فهو جائز، وإن لم يشترط كل واحد منهما على صاحبه الأجر يعني الأستاذ مع الولي ودفعه على وجه الإجارة، فلما فرغ الأستاذ من التعليم، قال الأستاذ: لي الأجر على رب العبد وقال ربّ العبد: لا بل لي الأجر على الأستاذ، فإني أنظر في ذلك العمل إلى ما يصنع أهل تلك الصنعة في تلك البلدة فإن كان المولى هو الذي يعطي الأجر جعلت على الأستاذ أجر مثله للمولى.

قال الشيخ الإمام الزاهد أحمد الطواويسي رحمه الله: معنى قوله دفعه على وجه الإجارة أن ذلك العمل مما لا يعمل بغير بدل، إذا استأجر الرجل سمساراً ليشتري له

<<  <  ج: ص:  >  >>