الكرابيس أو استأجر دلالاً ليبيع له ويشتري فإن لم يبيّن لذلك أجلاً لا يجوز، وقد ذكرنا المسألة مع ما فيها من الحيلة للجواز من قبل.
وفي «واقعات الناطقي» : إذا قال الرجل: بع هذا المتاع ولك درهماً أو قال: أشتر لي هذا المتاع ولك درهم، ففعل فله أجر مثله لا يجاوز به الدرهم؛ لأن هذا الاستئجار وقع فاسداً فكان عاملاً له بإجارة فاسدة فيجب له أجر المثل، وفي الدلال والسمسار يجب أجر المثل وما تواضعوا عليه أن من كل عشرة دنانير كذا، فذلك حرام عليهم.
وفي «العيون» : رجل دفع إلى أخر ثوباً فقال له: بعه بعشرة فما زاذ فهو بيني وبينك، قال أبو يوسف: إن باعه بعشرة أو لم يبعه فلا أجر له، وإن بعت في ذلك؛ لأنه نفى الأجر إذا باعه بعشرة لما علقه بأكثر من عشرة ولو باعه باثني عشر، أو أكثر أو أقل فله أجر مثل عمله.
وقال محمد رحمه الله: له أجر مثل عمله، وإن لم يبع فإذا بعت في ذلك؛ لأنه عمل بحكم إجارة فاسدة، والفتوى على قول أبي يوسف؛ لأن الأجر مقابل بالبيع دون مقدماته، فلا يستحق الأجر بدون البيع وإن بعت في عمله بحكم إجارة فاسدة.
وفي «فتاوى أبي الليث» : إذا قال لدلال: إعرض صنعتي وبعها على أنك إذا بعتها فلك من الأجر كذا، فلم يقدر الدلال على إتمام الأمر فباعها دلال آخر.
قال الفقيه أبو القاسم رحمه الله: إن كان الأول قد عرضها وذهب له في ذلك دور جار يعتد به فأجر المثل له واجب بقدر عنائه وعمله.
وعن أبي نصر مثل ما قاله الفقيه أبو القاسم فإنه سئل عمّن دفع ثوباً إلى منادي ليبيعه بأجر فنادى، ولم يبع صاحبه قال: له أجر مثله؛ لأنه عمل بإجارة فاسدة.
قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: هذا هو القياس أمّا في الاستحسان لا يجب له الأجر؛ لأن العرف والعادة جرت أنهم لا يأخذون الأجر إلا بالبيع وهذا موافق لقول أبي يوسف في المسألة المتقدمة، وعليه الفتوى.
وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: رجل يبيع ثياباً بالمزايدة، أجر منادياً ينادي ببيع ذلك، فإن بيّن له وقتاً أو قال ينادي كذا صوتاً فذلك جائز ومالا فلا.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف: رجل ضلّ شيئاً، فقال: من دلني عليه فله درهم فدلّه إنسان فلا شيء له؛ لأن الدلالة والإشارة ليست بعمل يستحق به الأجر، ولو قال لإنسان بعينه: إن دللتني عليه فلك درهم، فإن دلّه من غير شيء معه فكذلك الجواب لا يستحق به الأجر وإن مشى معه ودلّه فله أجر مثله، لأن هذا عمل يقابل الأجر عرفاً وعادة إلا أنه غير مقدر ففسد العقد ووجب به أجر المثل.
وفي «فتاوى أهل سمرقند» : استأجر رجلاً ليصيد له أو يحتطب له فإن كان وقّت لذلك وقتاً جاز، وإن لم يوقت ولكن عين الحطب، فالإجارة فاسدة وما اصطاد فهو للمستأجر (٣١أ٤) وإن كان الحطب الذي عينه ملك المستأجر، فالإجارة جائزة.
وفي «القدودي» وعن محمد فيمن قال لغيره: اقتل هذا الذئب أو هذا الأسد ولك