وإذا استأجره ليبني له حائطاً بالمرمص وشرط عليه الطول والعرض وبدون بيان الطول والعرض لا يجوز؛ لأن العمل لا يصير معلوماً.
وإذا استأجره ليعمر له في هذه الساحة بيتين ذي سقفين أو ذي سقف واحد، وبيّن طوله وعرضه السرد وغير ذلك، ويقال بالفارسية: شكروداون لا يجوز، هكذا ذكر في «فتاوى أبي الليث» ، والصواب أنه يجوز إذا كان بآلات المستأجر لتعامل الناس، ومسألة الاستئجار لبناء الحائط بالآجر والجصّ التي تقدم ذكرها يشهد لهذا القول.
ولو استأجره ليحفر له بئراً في داره وسمى عمقها وسعتها، حتى جازت الإجارة، فلما حفر بعضها وجد حبلاً أشد عملاً وأشد مؤنة، فإن كان يقدر على حفرها بالآلة التي تحفر بها الآبار إلا أنه يلحقه زيادة مشقة وتعب، فإنه يجبر على العمل؛ لأنه ضمن بعقد الإجارة حفر هذا الموضع بالآلة التي تحفر بها الآبار، وقد أمكنه ذلك فقد قدر على الوفاء بما ضمن بعقد الإجارة فيجبر عليه، وإن كان لا يقدر على حفرها بالآلة التي تحفر بها الآبار لا يجبر عليه؛ لأنه ما قدر على الوفاء بما ضمن بعقد الإجارة، لأنه إنما ضمن الحفر بالآلة التي تحفر بها الآبار لا بآلة أخرى، وهل يستحق الأجر بقدر ما عمل؟ لم يذكر محمد رحمه الله هذه المسألة في «الكتاب» .
وحكى فتوى شمس الإسلام الأوزجندي رحمه الله: أنه يستحق إذا كان يعمل في ملك المستأجر، بخلاف ما إذا كان يعمل في غير ملكه وقاس هذه المسألة على ما إذا استأجر خياطاً ليخيط له ثوباً في بيت المستأجر فخاط بعضه فسرق الثوب، أو حفاراً ليحفر له بئراً في دار المستأجر فحفر البعض فانهار يستحق من الأجر بقدره وإن كان يعمل ذلك في غير ملكه فله أجر له كذا هاهنا.
وعلى قياس ما ذكرنا قبل هذا عن القدوديّ أن الخياط إذا خاطه في بيت المستأجر فخاط بعض الثوب أن لا أجر له؛ لأنه لا ينتفع به يجب أن يقال هاهنا: إنه لا ينتفع به وسيأتي بخلاف هذا عن أبي يوسف في فصل فسخ الإجارة بالعذر، وإن شرط عليه أن كل ذراع في لبن أو سهله بدرهم، وكل ذراع في جبل بدرهمين وكل ذراع في الماء بثلاثة وبينّ مقدار الطول والعرض فهو جائز، لأنه الأجر معلوم حال وجوبه؛ لأن الأجر إنما يجب بعد العمل وبالعمل يصير جميع الأجر معلوماً؛ لأنا نعلم بأي قدر حفر في السهلة وبأي قدر حفر في الجبل.
ولو استأجره ليحفر له بئراً في داره وظهر الماء قبل أن يبلغ المسمى الذي شرط عليه، فإن أمكنه الحفر في الماء بالآلة التي تحفر بها الآبار أجبر على الحفر، وإن احتيج إلى اتخاذ آلة أخرى لا يجبر عليه على نحو ما ذكرنا في المسألة المتقدمة.
وكذلك لو استأجره ليحفر له في حجارة مروة، فلما حفر البعض استقبله حجارة صفا أصم، فإن أمكنه حفر الصفا بالآلة التي يحفر بها المروّة أجبر على الحفر، ومالا فلا.
وإن استأجر رجلاً ليحفر له حوضاً عشرة في عشرة وسمى عمقها وعرضها ببدل