معلوم فحفر خمسة في خمسة يجب ربع المسمى؛ لأنه أوفى ربع العمل؛ لأن عشرة في عشرة مائة، وخمسة في خمسة، خمسة وعشرون.
وإذا استأجر الرجل رجلاً ليحفر له قبراً فحفر فانهار أو دفن فيها إنسان قبل أن يأتي المستأجر بجنازته فهو على التفصيل الذي ذكرنا في حفر بئر قبل هذا إن كان ذلك في ملك المستأجر فله الأجر، وإن كان في غير ملكه فلا أجر له، ولو استأجره ليحفر له قبراً ولم يسمّ في أيّ مقابر جاز استحساناً وينصرف إلى المكان الذي يدفن فيه أهل تلك المحلة موتاهم.
قال مشايخنا رحمهم الله هذا الجواب بناءً على عرف أهل الكوفة، فإن لكل محلّة مقبرة خاصّة يدفنون موتاهم فيها، ولا ينقلون موتاهم إلى مدافن محلة أخرى، أما في ديارنا تنقل الموتى من محلة إلى مقابر محلة أخرى فلا بد من تسمية المكان حتى لو كان موضعاً لهم مقبرة واحدة تجوز الإجارة من غير تسمية المكان، وإذا عيّن المستأجر للأجير مكاناً يحفر فيها القبر فحفر في مكان آخر، فالمستأجر بالخيار إن شاء رضي بذلك وأعطاه الأجر، وإن شاء رد ذلك عليه ولا أجر له لأن الأجير موافق من وجه من حيث إنه أمر بحفر القبر وقد حفر، مخالف من وجه من حيث إنه لم يحفر في المكان الذي أمر بالحفر فيه، فإن شاء مال إلى جهة الوفاق وجعله عاملاً بعقد وأعطاه الأجر، وإن شاء مال إلى جهة الخلاف، وجعله عاملاً بغير عقد ولم يعطه الأجر، وإذا لم يصفوا له طول القبر وعمقه جاز الاستئجار استحساناً، ويوجد بأوسط ما يعمل الناس
نوع منه في المتفرقات
وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يجوز أن يستأجر من عقار مائة أذرع أو من أرض جريباً أو جريبين إذا كان أكثر من ذلك، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: يجوز، لأن من أصل أبي حنيفة أن بيع الذراع من الأرض لا يجوز وعندهما يجوز، لأنه عبارة عن النّصيب وإجارة المشاع جائزة عندهما (٣١ب٤) .
ولا يجوز استئجار القناة والبئر والنهر ليسقى منهما غنمه أو أرضه، لأن المقصود هو الماء وأنه عين والأعيان لا تستحق بعقد الإجارة، وكذلك إذا كان لرجل شرب في النهر فاستأجره ليسقي منه غنمه أو أرضه لم يجز لما قلنا، ولا تجوز إجارة الآحام والأنهار للسمك وغيره، أما للسمك فلأن هذه الإجارة لا تفيد إلا ما كان ثابتاً له من قبل؛ لأن المشروط في هذه اصطياد السمك والمستأجر كان يملك اصطياد السمك من غير إجارة، ولأن هذه الإجارة عقدت على استحقاق العين، وأما لغير السمك، فلأن غير السمك في الآحام والأنهار القصب والماء، وإنها عين.
ولا تجوز. إجارة المراعي لم يرد به إجارة الأراضي، فإن إجارة الأرض جائزة وإنما أراد به إجارة الأراضي فإن إجارة الأرض جائزة، وإنما أراد إجارة الكلأ، وإنما لم يجز؛ لأنها وردت على العين.
والحيلة في جوازها: أن يستأجر موضعاً من الأرض ليضرب فسطاطاً أو ليجعل حظيرة لغنمه فتصح الإجارة، ويبيح صاحب المرعى الانتفاع بالمرعى.