ذكر في «الفتاوى الصغرى» : أن هذا عذر وفرق بين هذا وبينما إذا استأجر غلاماً ليعمل له عمل الخياطة، ثم بدا له أن يأخذ في عمل آخر فإن ذلك ليس بعذر؛ لأنه لا يمكنه أن يحمل الغلام في ناحية الدكان يعمل له عمل الخياطة وهو في ناحية أخرى يعمل عملاً آخر بخلاف ما إذا كان هو يعمل بنفسه.
وذكر في فتاوى «الأصل» : هذه المسألة على التفصيل فقال: إن تهيأ له العمل الثاني على ذلك الدكان ليس له النقض، لأنه لم يتحقق القدر وإن لم يتهيأ فله النقض؛ لأنه تحقق العذر، وذكر في «الجامع الصغير» مطلقاً أنه ليس بعذر، كما ذكر في «الفتاوى الصغير» ومسألة «الجامع الصغير» تأتي بعد هذا والمؤاجر إذا وجد زيادة على الأجرة لا يكون ذلك عذراً له في فسخ الإجارة؛ لأنه لا يمكنه إنما المعقود عليه من غير ضرر يلزمه إنما يفوته نوع نفع طمعه غير أنه لا عبرة لفوات المنفعة على ما مرً.
وفي «فتاوي أبي الليث» : رحمه الله رجل ساكن في قرية استأجر أرضاً في قرية أخرى ثم بدا له أن يترك هذه الأرض، ويزرع أرضاً أخرى في قرية أخرى قال: إن كان بينهما مسيرة سفر كان عذراً له في فسخ الإجارة، وما لا فلا وهذا؛ لأن المسافة إذا كانت بعيدة يلحقه الضرر وإذا كانت قريبة لا يلحقه الضرر، وقدرت البعيدة بمسيرة السفر وإذا لحق الآجر دين لا وفاء له إلا من ثمن الدار المستأجرة أو ثمن العبد المستأجر، فهذا عذر في فسخ الإجارة؛ لأنه لا يمكنه إيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحقه، وهو الحبس، فإنه يحبس فيصير ذلك عذراً له في فسخ الإجارة.
فإن قيل: ينبغي أن لا يحبسه القاضي إذا تعلق بماله حق المستأجر بل يتأخر الحبس إلى أن تنقضي الإجارة.
قلنا: القاضي لا يصدقه في أنه لا وفاء له إلا من ثمن المستأجر فيحبسه لهذا، وينبغي للآجر أن يرفع الأمر إلى القاضي ليفسخ العقد وليس للآجر أن يفسخ بنفسه، وقد مرّ هذا، ثم إذا رفع الأمر إلى القاضي إن طلب من القاضي أن ينقض الإجارة فالقاضي لا ينقضها؛ لأنه لاحق للآجر في نقض الإجارة إنما حقه في البيع قضاء لدينه وتخليصاً لرقبته فلو نقض القاضي الإجارة بطلبه ربما لا يتفق البيع بعد ذلك أو يكون احتيالاً فيصير النقض مقصوداً، أو يبطل حق المستأجر وإنه لا يجوز وإن طلب من القاضي أن يبيع المستأجر بنفسه أو بأمر الآجر أو غيره بالبيع، أجابه القاضي إلى ذلك وهذا الجواب إنما يتأتى على ظاهر الرواية؛ لأن على ظاهر الرواية حق المستأجر لا يمنع البيع ولكن يمنع التسليم.
وللمشتري الخيار بين أن يتربص إلى أن تمضي هذه الإجارة، وبين أن يرفع الأمر إلى القاضي ويطلب التسليم أو الفسخ، فإذا رفع إلى القاضي (٣٤أ٤) وأثبت البائع الدين بالبيّنة، فالقاضي يمضي البيع ويتضمن ذلك نقض الإجارة فيأخذ الثمن من المشتري ويسلمه إلى الغريم.
قال: وإلى أن يمضي القاضي البيع فالأجرة واجبة على المستأجر؛ لأن المستأجر