فقال: بدا لي في حفر ها كان له أن يترك الإجارة، فإن حفر وأجرى الماء ثم بدا له أن يصرف الماء إلى زرعه ويترك الإجارة لم يكن له ذلك ويلزمه الأجر، فإن جاء من ذلك أمر فيه ضرر عظيم يذهب فيه زرعه ويضر بماله إضراراً عظيماً إن قطع الماء عنه جعلت هذا عذراً له أن يترك الإجارة.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف: إذا استأجر أرضاً وانقطع عنها شربها وقد بقي من الإجارة شيء، قال: إن كانت مما يصلح أن يزرع عرفاً فلم يخاصم في الإجارة ولم ينقضها حتى مضت المدة لزمه الأجر تاماً، وإن خاصم فيها كان له أن يردها ويعطيه من الأجر بحسابه، وإن كانت مما لا يزرع عرفاً لم يلزمه أجر ما بقي من السنة، وإن لم يخاصم في ردّها.
وكذلك رجل استأجر عبداً من رجل كل شهر بدرهم مثلاً، فمرض العبد ولم يقدر على مثل ما كان يعمل إلا أنه قد يعمل عملاً دون العمل الذي كان يعمله في الصحة، فله أن ينقض الإجارة وإن لم ينقضها حتى مضى شهراً لزم الأجر، وإن مرض مرضاً لا يقدر على شيء من العمل فلا أجر عليه.
وفي «نوادر بشر» عن أبي يوسف: رجل استأجر رجلاً ليحفر له بئراً فلقي جبلاً قال: له الأجر بحساب ما حفر، فإن كانت بلدة يكون فيها ذلك فبلغ إلى ما هو أصلب مما رأى، فإن كان يعلم أن ذلك سيلقاه كان عليه أن يحفره، وإن قال: لم أعلم حلف بالله لم يعلم وكان له من الأجر بحساب ما حفر، قال الحاكم أبو الفضل رحمه الله: هذا الجواب خلاف جواب «الأصل» وقد مرّ جنس هذه المسألة قبل هذا.l
وعنه أيضاً: في رجل استأجر رجلاً ليحفر له بئراً في موضع أراه إياه وأراه قدر استدارتها، وشرط عليه أن يحفرها عشرة أذرع كل ذراع بكذا، فحفر منها أذرعاً ثم مات، فإنه يقوم ما حفر ويقوم ما بقي ثم يقسم الأجر على قيمتين فيعطى حصة ما حفر.
علل فقال: لأن كل ذراع منها سابغ في أسفلها وأعلاها ومعنى هذا أنه ينظر إلى قيمة ذراع من الأعلى وإلى قيمة ذراع من الأسفل؛ لأن في الأعلى الحفر يكون أرخص وفي الأسفل الحفر يكون أغلى فلا بد من الجمع بين القيمتين لتحقيق معنى العدل، ثم إذا ظهر قيمة الأعلى وقيمة الأسفل يجعل كل ذراع منهما، فيكون كل ذراع من الذراعين وتكون حصته من القيمتين.
وإذا تكارى دابة فوجدها لا تبصر بالليلّ أو وجدها جموحاً أو عضوضاً، فله أن يردها؛ لأنه وجد المعقود عليه معيبّاً فكان له الرد كما في بيع العين، فإن ردها فليس له أن يطالب المكاري بدابة أخرى إن وقعت الإجارة على هذه الدابة بعينها؛ لأن الإجارة انفسخت بردها وإن وقعت الإجارة على الدابة لا بعينها، فله أن يطالبه بدابة أخرى.
وفي «مزارعة العيون» : إذا استأجر من آخر أرضاً وزرعها فلم يجد ماء ليسقيها، فيبس الزرع قال: إن كان استأجرها بغير شرب ولم ينقطع ماء النهر الذي يرجى منه السقي فعليه الأجر، وإن انقطع كان له الخيار، وإن كان استأجرها لشربها، فانقطع الشرب عنها