للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبض إلا أن العود موهوم، ومثله لا يوجب انفساخ العقد بل يثبت الخيار للعاقد كالعبد المستأجر إذا أبق في مدة الإجارة، فإن لم يفسخ حتى عاد الماء لزمته الإجارة فيما بقي من الشهر لزوال الموجب للفسخ، ويرفع عنه الأجر بحساب ذلك هكذا ذكر محمد رحمه الله في «الأصل» .

واختلف المشايخ في تفسير قوله: بحساب ذلك، بعضهم قالوا: معناه بحساب ما انقطع من الماء في الشهر حتى إذا انقطع الماء عشرة أيام يسقط بحصة عشرة أيام من الشهر، وذلك ثلث المسمى فيسقط عنه ثلث المسمى وهذا؛ لأن المعقود عليه في إجارة الرحى منفعة الطحن لا غير؛ لأن الرحى مستأجر للطحن لا غير فيجعل المعقود عليه منفعة الطحن وقد فاتت منفعة الطحن في مدة عشرة أيام، فيسقط الأجر بقدره.

كما لو استأجر عبداً ليخدمه شهراً فأبق عشرة أيام، فإنه يسقط الأجر بقدره وذلك ثلث المسمّى فكذلك هذا وقال بعضهم: أراد بقوله بحساب ذلك أي بحصّة ما انقطع من الماء.

وبيان ذلك: أن ينظر إلى بيت رحى عشرة أيام وهو يطحن بكم يستأجر؟ فإن كان يطحن يستأجر عشرة أيام بعشرة ولا يطحن يستأجر بخمسة يسقط خمسة دراهم، وهو حصة ما انقطع من الماء ولا يسقط ثلث المسمّى كما قاله الأولون، وذلك لأن منفعة الطحن إن فاتت بقيت منفعة السكنى وربط الدواب، فإن للمستأجر أن يسكن فيها ويربط فيها دوابه كما له أن يطحن فمنفعة الرحى إن فاتت بقيت منفعة السكنى وربط الدواب فيسقط الأجر بقدر ما فات، ويبقى بقدر ما بقي.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: وما قاله الأولون أصح، لأن ظاهر الرواية يشهد لهذا فإنه قال في «الأصل» : الماء إذا انقطع الشهر كله ولم يفسخها المستأجر حتى مضى الشهر، فلا أجر عليه في ذلك فقد نفى الأجر عنه أصلاً، ولو كانت منفعة السُكنى معقوداً عليه مع منفعة الطحن لأوجب بقدر ما يخصّ منفعة السُكنى؛ وهذا لأن الرحى لا تستأجر لمنفعة السُكنى وإنما تستأجر لمنفعة الطحن فيجعل منفعة الطحن هو المعقود مقصوداً، وغيره يدخل تبعاً والبدل لا يقابل الاتباع فيكون الأجر كله بإزاء منفعة الطحن.

وذكر القدوري في «شرحه» : أن من استأجر رحى ماء سنة، فانقطع الماء بعد ستة أشهر، فأمسك الرحى حتى مضت السنة فعليه الأجر لستة أشهر ولاشيء عليه لما بقي، وإن كان البيت ينتفع به لغير الطحن فعليه من الأجر بحصته لأنه بقي شيء من المعقود عليه فيبقى الأجر بحصته، وهذا يدلك على أن ما سوى منفعة الطحن داخل في هذا العقد أصلاً لاتبعاً فيكون دليلاً على ما قاله الآخرون فيه. (٣٥أ٤) .

وفي «نوادر ابن سماعه» عن محمد رحمه الله رجل استأجر رحى ماء بأداتها وبيتها والماء جار ثم انقطع الماء عنها، فهذا عذر وقد مرّ هذا قال: ولو استأجرها والماء منقطع عنها وقال أنا أصرف ماء نهري إليها، وكان ذلك بلا حفر ولا مؤنه لزمه الأجر صرف الماء إليه أو لم يصرف، وإن كان ينبغي لذلك حفر نهر من نهره إلى نهر الرحى ومؤنته

<<  <  ج: ص:  >  >>