إنما أذن له بإمساك يجب به الأجر، وفي مسألة الدابة لا يجب بهذا الإمساك على ما ذكرنا، أما في مسألة الثوب هذا الإمساك حصل بإذن المالك؛ لأن الأجر يجب به فيكون حاصلاً بإذن المالك حتى أن في مسألة الدابة لو وجب الأجر بالإمساك في منزله، بأن استأجرها ليركبها يوماً إلى الليل نقول: لا يجب الضمان، إذا هلكت الدابة ولو لم يفعل ذلك ولكن ارتد لي به يوماً إلى الليل فعليه الأجر كاملاً ولا ضمان؛ لأن اللبس على سبيل الإرتداء في إفساد الثوب ليس فوق لبسه قميصاً بل هو مثله (٣٦ب٤) أو دونه، فإن كان مثله فقد استوفى المعقود عليه بكماله، وإن كان دونه فقد استوفى بعض المعقود عليه ويمكن من استيفاء الباقي، وفي مثل هذه الصورة يجب الأجر كاملاً ولا يجب الضمان، وإن لم يفعل ذلك ولكنه إئتزر يوماً إلى الليل فهو ضامن إن هلك الثوب في يده ولا أجر؛ لأنه ملكه بالضمان من حين إئتزر به وإن لم يهلك فالقياس أن لا يجب الأجر، وفي الاستحسان يجب.
وإذا استأجرت المرأة ذرعاً لتلبسه أياماً معلومة ببدل معلوم فهو جائز، ولها أن تلبسه النهار كله ومن الليل أوله وآخره تلبسه في طرفي الليل، ولا تلبس فيها بين ذلك إذا كان الثوب ثوب ضيافة وتجمل فقد جعل ما بين طرفي في الليل مستثنى مع أن اللفظ تناوله ظاهراً؛ لأن الأيام ذكرت باسم الجمع، فيتناول ما بإزائها من الليالي، إنما فعل هكذا بناء على الفرق، فإن العرف فيما بين الناس أنهم لا يلبسون ثوب الضيافة فيما بين طرفي الليل، والمعروف كالمشروط صريحاً، وإن لم يكن الثوب ثوب ضيافة وتجمل بأن كان ثوب بذلة ومهنة كان لها أن تلبس الليالي كلها لأن اللفظ تناول الليالي كما تناول الأيام ولا عرف بخلاف إذا كان الثوب ثوب بذلة ومهنة، فيعمل فيه لقبضه اللفظ.
فرع على ثوب الضيافة فقال: إذا لبسته الليل كله فتخرق وإن تخرق في الليل فهو ضامن، وإن تخرق في غير الليل بأن تخرق في الغد فلا ضمان، وإن صارت مخالفة باللبس في كل الليل؛ لأن الخلاف ارتفع إذا جاء الغد وعقد الإجارة باق فيعود أميناً كالمودع إذا خالف في الوديعة، ثم عاد إلى الوفاق فقد سوى في حكم البراءة عن الضمان بالعود إلى الوفاق بين المستأجر وبين المودع، وسيأتي الكلام فيه بعد هذا مع ما فيه من اختلاف المشايخ إن شاء الله تعالى.r
قال: وليس له أن ينام فيه، يعني في ثوب الضيافة والمراد به النوم في النهار؛ لأنه ليس لها اللبس حالة اليقظة فيما بين طرفي الليل إذا كان الثوب ثوب ضيافة فحالة النوم أولى، فعلمنا أن المراد به النوم في النهار وإنما لم يكن لها ذلك؛ لأن اللبس حالة النوم في ثوب الضيافة صار مستثنى عرفاً؛ لأن اللبس حالة النوم أعنف بالثوب من اللبس حالة اليقظة؛ فإن فعلت ذلك يعني نامت فيه فتخرق الثوب من ذلك، فهي ضامنة وليس عليها أجر في تلك الساعة التي تخرق فيها؛ لأنها كانت غاصبة حال لبسها نائمة ولا أجر على الغاصب وعليها أجر ما قبله وما بعده، أما أجر ما قبله فلأنها استوفته بحكم العقد، وأما أجر ما بعده فلأنها لما انتهت فقد تركت الخلاف، وعقد الإجارة باقي فيعود أميناً وتكون