الغير، ولما زالت يد الإجارة فلم يوجد التمكن من الاستيفاء حال قيام الإجارة، فلهذا لم يجب الأجر.
ولو استأجر يوماً إلى الليل للبس ولم يبين اللابس أو استأجر دابّة يوماً إلى الليل للركوب ولم يبيّن الراكب حتى فسدت الإجارة، فاختصما إلى القاضي قبل أن يلبس هو أو يلبس غيره، فإن القاضي يفسخ الإجارة بينهما دفعاً للفساد ودفعاً للمعصية وإن لم يختصما حتى لبس هو يوماً إلى الليل، أو لبس غيره فالقياس أن لا تعود الإجارة جائزة ويجب عليه أجر المثل، وفي الاستحسان تعود جائزة ويجب المسمى؛ لأن المعقود عليه متعين حالة العقد من حيث الحكم، إن كان مجهولاً من حيث الحقيقة.
بيانه: وهو أن الإجارة يتجدد انعقادها ساعة فساعة على حسب حدوث المنافع، فحال ما يستوفي المنفعة يتجدد العقد والمعقود عليه متعين في تلك الحالة، فهو معنى قولنا: أن المعقود عليه متعين حالة العقد من حيث الحكم ولو كان متعيناً من حيث الحقيقة أليس، إنه يجوز العقد فكذا إذا كان متعيناً من حيث الحكم إذ المقصود، من العقد الحكم لا عينه ولا يصير المستأجر غاصباً الثوب بإلباسه غيره.
والفرق: أن الحاصل يجب العقد هاهنا إما بلبسه أو لبس غيره؛ لأنه استأجره للبس مطلقاً والجمع بين الأجرين في حالة واحدة متعذر، فيكون العقد متناولاً أحدهما، فإنهما مانعين كان هو الداخل تحت العقد، أما في المسألة الأولى الداخل تحت العقد لبسه، فأما لبس غيره فليس بداخل تحت العقد أصلاً فلهذا افترقا.
وإذا استأجر الرجل قميصاً ليلبسه يوماً إلى الليل بدرهم فلم يلبسه ووضعه في منزله حتى مضى اليوم فعليه الأجر.
كما لا فرق بين هذا وبينما إذا استأجر دابة ليركبها إلى مكان معلوم خارج المصر، فأمسكها في منزله في المصر حيث لا يجب الأجر، وقد تمكن من استيفاء المعقود عليه في الفصلين جميعاً، والفرق بناء على الأصل الذي تقدم ذكره في صدر الكتاب أن التمكن من استيفاء المعقود عليه، إنما يوجب الأجر إذا ثبت التمكن في المدّة التي ورد عليها العقد في المكان الذي أضيف إليه العقد.
وفي مسألة الثوب وجد التمكن بهذه الصّفة، أما في مسألة الدابة لم يوجد التمكن في المكان الذي أضيف إليها العقد خارج المصر ولا يثبت التمكن من استيفاء المنفعة خارج المصر، والدابة في المصر حتى لو وجد التمكن بهذه الصفة في مسألة الدابة، بأن ساق الدابة إلى ذلك المكان ولم يركبها نقول بوجوب الأجر.
قياس مسألة الدابة من مسألة الثوب، أن لو استأجرها ليركبها يوماً إلى الليل فحبسها في منزله ولم يركبها، وهناك يجب الأجر أيضاً ثم ذكر الضمان، وفرق فيه بين مسألة الثوب وبين مسألة الدابة، فقال: لو أمسك الثوب في منزله ولم يلبسه حتى هلك لا يصير ضامناً، وفي مسألة الدابة قال: يصير ضامناً.
والفرق في أن مسألة الدابة الإمساك حصل بإذن صاحب الدابة لأن صاحب الدابة