للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا تكارى الرجل فسطاطاً من الكوفة إلى مكة ذاهباً وجايئاً. (٣٨أ٤) ثم خرج به إلى مكة ثم خلفه بمكة ورجع فعليه الكراء ذاهباً، وهو ضامن لقيمة الفسطاط؛ لأنه أمسك الفسطاط في موضع لم يؤذن له بالإمساك فيه فيصير ضامناً فلو لم يضمنه صاحب الفسطاط ولم يختصما حتى حج من قابل فرجع بالفسطاط فلا أجر عليه في الرجعة؛ لأن العام الثاني غير داخل تحت الإجارة فلا يكون عليه أجر برجوعه في العام الثاني.

وروي عن الحسن البصري أنه قال: لا بأس بأن يستأجر حلي الذهب بالذهب وحلي الفضة بالفضة؛ لأن ما يبدل من الأجر ليس ببدل عن العين ليقال: بيع ذهب بذهب على وجه يعود ذهب إليه فيكون ربا بل الأجر بإزاء منفعة العين والمنفعة مع العين جنسان مختلفان، والربا لا تجري في مختلفين.

وهذا كما لو استأجر داراً فيها صفائح ذهب بذهب، فإنه يجوز وإنما جاز بالطريق الذي قلنا.

وإذا استأجرت المرأة حلياً معلوماً لتلبسه يوماً إلى الليل ببدل معلوم فحبسته أكثر من يوم صارت غاصبة، قالوا: وهذا إذا حبسته بعد الطلب أو حبسته مستعملة، فأما إذا حبسته للحفظ لا تصير ضامنة قبل وجود الطلب من صاحبها وذلك لأن العين تقع أمانة في يدها فلا يصير مضموناً إلا بالاستعمال أو بالمنع بعد وجود الطلب كالوديعة.

بخلاف المستعير، إذا أمسك العين بعد مضي المدة حيث يضمن؛ لأن هناك وجد الطلب من حيث الحكم، لأن من حكم الطلب وجوب الرد وقد وجب الرد عليه بعد مضي المدة، أما في الإجارة لم يوجد الطلب لا من حيث الحقيقة ولا من حيث الحكم ولم يوجد الاستعمال، فلهذا لا يجب الضمان.m

والحد الفاصل بين الإمساك للحفظ وبين الإمساك للاستعمال أنه إذا أمسك العين في موضع لا يمسك للاستعمال في ذلك الموضع فهو حفظ فعلى هذا قالوا: إذا تسورت بالخلخال أو تخلخلت بالسوار أو تعمم بالقميص أو وضع العمامة على العاتق، فهذا كله حفظ وليس باستعمال؛ لأن الإمساك وجد في موضع لا يمسك للاستعمال فكان حفظاً وليس باستعمال فلا تضمن، وإن ألبست غيرها في ذلك اليوم فهي ضامنة ولا أجر عليها؛ لأن الناس يتفاوتون في لبس الحلي، وإن استأجره كل يوم بأجر مسمى فحبسته شهراً ثم جاءت به فعليها أجر كل يوم حبسته لأن الإمساك في كل يوم حصل بحكم الإجارة، وإن استأجرته يوماً إلى الليل فإن بدا لها حبسته كل يوم بذلك الأجر فلم ترده عشرة أيام، فالإجارة على هذا الشرط فيما عدا اليوم فاسدة قياساً؛ لأن الإجارة فيما عدا اليوم معلقة بالشرط وهو أن يبدو لها ذلك، وفي الاستحسان يجوز؛ لأن هذا شرط متعارف محتاج إليه، فإنها إذا أخرجت إلى العرض أو إلى وليمة لا يدري كم يبقى فيحتاج إلى مثل هذا الشرط لدفع الضرر والضمان وتعليق الإجارة بمثل هذا الشرط جائز أو نقول: الإجارة فيما عدا اليوم معلق بالمشيئة فكان تفسيراً للقبول، كأنه قال: أجرت فيما عدا اليوم الأول إن قلت: ألا ترى أن من قال لغيره: بعت مثل هذا العبد بألف درهم إن شئت جاز وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>