للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإذا استأجر الرجل حماماً وعبداً ليقوم على الحمام فهلك العبد أو الحمام فهذا على وجهين: إما إن هلك أحدهما قبل القبض أو بعده، فإن هلك أحدهما قبل القبض أيهما ما كان عبداً أو حماماً كان له الخيار؛ لأن الصفقة تفرقت قبل التمام في حق العين وإنه يثبت للمشتري خياراً؛ لأنه يمكن تسليم العين جملة وإن قبضهما ثم هلك أحدهما إن هلك العبد فلا خيار له في الحمام؛ لأن هلاك العبد لا يوجب خللاً في منفعة الحمام ويمكنه استعمال الحمام فيما استأجر له بعبد آخر أو بنفسه والصفقة في حق العين تفرقت بعد التمام وإن انهدم الحمام كان له الخيار في العبد؛ لأنه عجز عن استعمال العبد فيما استأجره له؛ لأنه استأجره ليقوم في هذا الحمام، فإذا انهدم الحمام فقد عجز عن استعمال العبد فيما استأجره له فكان له الخيار كما لو استأجر دكاناً ليتجر فيه فأفلس.

وإذا استأجر حماماً بغير قدر، واستأجر القدر من غيره فانكسر القدر فلم يعمل في الحمام أشهراً وقد استكراه سنة فطلب صاحب الحمام أجره وصاحب القدر أجر قدره قال: عليه أجر الحمام؛ لأنه متمكن من الانتفاع بعد انكسار القدر، فإنه يمكنه أن يستأجر قدراً آخر فينتفع به وإذا بقي التمكن من الانتفاع بعد انكسار القدر وجب الأجر وإن لم ينتفع به كما قبل انكسار القدر، فأما ليس عليه أجر القدر؛ لأنه لم يبق متمكناً من الانتفاع بالقدر بعد الانكسار ومتى فات التمكن من الانتفاع فإنه لا يجب الأجر كما لو هلك العبد المستأجر وستأتي بعض مسائل الحمام بعد هذا إن شاء الله تعالى.

قال محمد رحمه الله في «الأصل» : وإذا استأجر الرجل رحىً بالبيت الذي هو فيها ومتاعها بعشرة دراهم كل شهر ثم طحن فيها طحناً بثلاثين درهماً في الشهر فربح عشرين هل تطيب له الزيادة؟.

فهذا على وجهين: إما إن أصلح فيه شيئاً ينتفع به في الرحى بأن كرى نهرها أو ثبت الحجر أو لم يصلح، فإن لم يصلح فإن كان يلي الطحن بنفسه تطيب له الزيادة؛ لأنه أجر الرحى ونفسه فالزيادة على أجر الرحى يجعل بإزاء منفعة نفسه فيجوز، فأما إذا كان رب الطعام هو الذي يلي الطحن بنفسه فإنه لا تطيب له الزيادة؛ لأنه ليس بإزاء الزيادة عوض فيكون ربح ما لم يضمن فلا تطيب وإن كان أصلح شيئاً فإنه يطيب له، وإن كان لا يلي الطحن بنفسه ويجعل الزيادة بإزاء منفعة ما أصلح فلا يكون ربحاً فتطيب له.

قال في «الأصل» أيضاً: وإذا استأجر الرجل من الرجل موضعاً على نهر ليبني عليها بيتاً ويتخذ عليها رحى على أن الحجارة والحديد والمتاع من عند المستأجر فهو جائز؛ لأنه أجر أرضاً مملوكاً له ليبني فيها بناء مدة معلومة بأجر معلوم فيكون جائزاً، كما لو استأجر أرضاً ليبني عليها منزلاً أو داراً فإن انقطع ماء النهر كان عذراً في فسخ الإجارة؛ لأن بناء الرحى إنما يكون لمنفعة الطحن، فإذا فات منفعة الطحن كان عذراً في فسخ الإجارة.

وكان بمنزلة ما لو استأجر حانوتاً ليتجر فيها فأفلس كان عذراً في فسخ الإجارة فكذلك هذا، فإن فسخ الإجارة لم يبق لواحد منهما على صاحبه سبيل وإن لم يفسخ حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>