فرّق بين هذا وبينما إذا استأجر حماماً سنة بكذا فلم يسلم إلى المستأجر شهرين ثم سلم في الباقي وأبى المستأجر فإنه يجبر على قبضه والصفقة تفرقت على المشتري قبل التمام ولم يثبت الخيار للمستأجر ثمة وأثبت هاهنا.
ووجه الفرق بينهما: أنه كان المستأجر حماماً واحداً ولم يسلم في بعض المدة فإنما تفرقت الصفقة في حق المنافع لا في حق العين، فإنه سلم العين كله؛ لأنه لم يفت من العين شيء وتفرق التسليم في حق المنافع لا يثبت للمشتري خياراً لأنه لم يستحق على الآجر تسليم المنافع جملة؛ لأنه ليس في وسع الآجر ذلك وإنما لا يستحق عليه تسليمه جملة (٤٠ب٤) لا يثبت للمشتري خياراً كما لو ملك أعياناً بصفقات متفرقة، فأما إذا هلك أحد الحمامين فقد تفرق على المستأجر تسليم ما استحق على الآجر تسليمه جملة وتسليم العين جملة ممكن ويفرق التسليم قبل إتمام على العاقد فيما استحق تسليمه جملة يثبت له خياراً، فقد فرق بين المسألتين من هذا الوجه هذا إذا انهدم أحدهما قبل القبض، فأما إذا انهدم أحدهما بعد القبض فلا خيار للمستأجر؛ لأن الصفقة تفرقت بعد التمام على وجه لم يوجب تعييب الباقي، فإن انهدم أحدهما لا يوجب خللاً في منفعة الباقي لتباين مرافقهما وتفرق الصفقة بعد التمام إذا لم يوجب تعييب الباقي لا يثبت للمشتري خياراً.
كما لو اشترى عبدين وقبضهما ثم هلك أحدهما بعد القبض قالوا: وعليه إشكال كان يجب أن يثبت الخيار هاهنا، وإن انهدم أحدهما بعض القبض؛ لأن الصفقة تفرقت قبل التمام؛ لأن المنافع لم تصر مقبوضة بقبض الحمام ولا تتم الصفقة إلا بقبض المعقود عليه إلا أن الجواب عن هذا الإشكال ما ذكرنا أن الصفقة تفرقت قبل التمام في حق المنافع أما في حق العين تفرق بعد التمام وتفرق الصفقة في حق المنافع لا يثبت للمستأجر خياراً.
لأنه لم يستحق على الآجر تسليمه جملة؛ لأنه ليس في وسع الآجر ذلك وإنما استحق تسليمه متفرقاً على حسب ما وجد وتفرق التسليم فيما استحق تسليمه متفرقاً لا يثبت للعاقد خياراً، فأما إذا انهدم قبل القبض فقد تفرق التسليم في حق العين قبل التمام وتفرق التسليم في حق العين يثبت للعاقد خيار الفسخ؛ لأنه استحق تسليمه جملة لما كان في وسع الآجر تسليمه جملة، هذا إذا كان المستأجر حمامين، فأما إذا كان المستأجر حماماً واحداً ثم انهدم بيت منها كان له الخيار سواء انهدم قبل القبض أو بعده أما قبل القبض فله الخيار لوجهين.
أحدهما: أن الصفقة تفرقت في حق العين قبل التمام.
والثاني: إن انهدام بيت منها يوجب تعيناً في منفعة الباقي؛ لأنه لا يمكن الانتفاع بها منفعة الحمام إلا بالكل وإن انهدم بعد القبض ثبت له الخيار بسبب العيب؛ لأن انهدام بيت منها أوجب خللاً في منفعة الباقي وإنه عيب حدث قبل قبض المعقود عليه، فأثبت للمستأجر خياراً.