للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له بصرف الدين إلى المجهول، فجاز فكذلك بهذا الخلاف مسألة السلم، لأن الدين واجب حالة التوكيل فإذا وكله بذلك ولم يعين المسلم إليه فقد أمره بصرف ما عليه من الدين إلى المجهول فلم يجز.

كما لو قال: أدّ ما لي عليك رجلاً من عرض الناس حتى لو كانت الأجرة واجبة وقت التوكيل يجب أن لا تجوز على قول أبي حنيفة ما لم يعين الأجراء وباعه الآلات كما في مسألة السلم، فإن قال المستأجر: قد رهنت الحمام بها لم يصدق والقول قول رب الحمام؛ لأنه يدعي إبقاء ما عليه من الأجر ورب الحمام ينكر فيكون القول قول رب الحمام إلا أن يقيم البينة على ذلك، كما لو ادعى الإيفاء حقيقة وإن أراد المستأجر أن يقبل قوله في ذلك من غير حجة.

فالحيلة أن يدفع العشرة إلى رب الحمام ثم يدفعها رب الحمام إليه ويأمره بإنفاقها في مرمة الحمام، فيكون أميناً.

وحيلة أخرى لإسقاط الحجة عن المستأجر أن يجعلا لمقدار المرمة عدلاً حتى يكون القول قول العدل فيما ينفق؛ لأن العدل أمين وليس لرب الحمام أن يمنع المستأجر بئر الماء ومسيل ماء الحمام أو موضع سرقينه وإن لم يشترط وكذلك كل شيء لا يتمكن المستأجر من الانتفاع بالحمام إلا به فهو على هذا وإنما كان كذلك؛ لأن هذه الأشياء من مرافق الحمام ومرافق المستأجر تدخل في الإجارة من غير شرط؛ لأنه لا يتهيأ الانتفاع بالمستأجر إلا به كما يدخل الطريق.

قال: ولو أن مسيل الماء الحمام امتلأ فإنه يجب على المستأجر تفريغ ذلك ظاهراً كان أو باطناً، إن كان ظاهراً فلا إشكال، وإن كان باطناً فكذلك يجب على المستأجر بخلاف البالوعة إذا امتلأت من جهة المستأجر فإن التفريغ يجب على الآجر.

ووجه الفرق: أن تفريغ مسيل الماء ممكن من غير نقص شيء من البناء؛ لأنه يكون مجصصاً مسقفاً يمكن تنقيصه بالدخول فيه من غير نقض شيء من البناء فأشبه ظاهر التعويض من هذا الوجه بخلاف بئر البالوعة؛ لأنه لا يمكن تفريغه إلا بنقض شيء من البناء ولا يملك المستأجر نقض شيء من البناء إنما يملكه رب الدار فجعل على رب الدار وإن حصل التكفل من جهته قال: ولو أن رب الحمام اشترط على المستأجر نقل الرماد والسرقين، فإن ذلك لا يفسد الإجارة فلأنه شرط في الإجارة ما تقتضيه الإجارة من غير شرط؛ لأن نقل الرماد والسرقين الذي اجتمع من عمل المستأجر عليه فلا يوجب فساد الإجارة، وإن شرط على رب الحمام أوجب فساد الإجارة؛ لأنه شرط فيها ما لا تقتضيه الإجارة ولأحد المتعاقدين فيه منفعة فيوجب فساد العقد.

قال: وإذا استأجر الرجل من رجل حمامين أشهراً مسماة كل شهر بأجر معلوم فانهدم أحدهما، فهذا على وجهين: إما أن ينهدم أحدهما قبل القبض أو بعده، فإن انهدم أحدهما قبل القبض كان المستأجر بالخيار فيما بقى إن شاء أخذ الباقي، كما لو اشترى عبدين فهلك أحدهما قبل القبض كان له الخيار في الباقي إن شاء أخذه بحصته من الثمن

<<  <  ج: ص:  >  >>