للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو نظير ما لو استأجر خياطاً ليخيط له ثوباً وشرط عليه خياطته بنفسه فكفل به إنسان إن كفل بتسليم نفس الخياط صح وإن كفل بخياطته لا يصح؛ لأنه كفل بما لا يقدر على إيفائه؛ لأنه لا يمكنه أن يأخذ بيده حتى يخيطه وخياطة غيره لا تقوم مقام خياطته وفي مسألة الخياط إن لم يشترط عليه خياطته فكفل إنسان بالخياطة صح؛ لأن الكفالة في هذه الصورة حصلت بما يقدر الكفيل على إيفائه؛ لأن المشروط خياطة مطلقة وخياطة الكفيل خياطة فيتمكن الكفيل من إيفاء ذلك من عند نفسه ثم في مسألة الخياطة إذا لم تصح الكفالة بالخياطة وخاط الكفيل رجع على صاحب الثوب بأجر مثل عمله وإذا صحت الكفالة وخاط الكفيل رجع على المكفول عنه بأجر مثل عمله بالغاً ما بلغ، وإذا كانت الكفالة بأمره؛ لأنه لو أمكنه الرجوع بعين ما ادعى، فإن كان المؤدى من ذوات الأمثال كان له الرجوع على المكفول عنه بعين ما أدى، فإذا عجز عن ذلك بأن لم يكن المؤدى من ذوات الأمثال كان له الرجوع بقيمته وقيمة العمل أجر المثل من هذا الوجه وكذلك هذا الحكم في نظائره.

وإذا استأجر الرجل من رجل محملاً وراحلة إلى مكة بأجر مسمى وكفل له رجل بالحمولة فهذا على وجهين:.... (٤١ب٤) ومحمد فالجواب فيه كالجواب في العصفرة والزعفران؛ لأن للسواد موجباً معلوماً على قولهما لو حصل بغير عقد وهو قيمة ما زاد الصبغ فيه فيجعل ذلك موجب العقد حال اختلافهما في مقدار الأجر كأنهما اتفقا على ذلك ثم اختلفا فيما يغيره إما إلى زيادة أو إلى نقصان كما في الحمرة.

فأما على قول أبي حنيفة: ليس لهذا الصبغ موجب معلوم لو حصل لغير عقد فإن صاحب الثوب لا يضمن شيئاً وإذا لم يمكن أن يجعل شيء آخر موجب العقد غير المسمى اعتبرنا اختلافهما في مقدار المسمى، والاختلاف بين المتعاقدين متى وقع في مقدار المسمى وفسخ العقد متعذر فعند أبي حنيفة رحمه الله يجعل القول قول المنكر للزيادة كما في بيع العين بعد الهلاك، وكما لو وقع الاختلاف في مقدار الأجر للأعمال التي ليس لها موجب معلوم لو حصل تغير عقد عند الكل كما في الحمل والقصارة ويجعل القول قول المنكر للزيادة ولا يتحالفان متى اختلفا في حال ما لا يمكن فسخ العقد فكذلك ها هنا هذا إذا اختلفا في مقدار الأجر.

فأما إذا اختلفا في أصل الأجر في السواد فقال صاحب الثوب: عملته لي بغير أجر، وقال الصباغ: لا بل عملته بأجر ذكر أن القول قول صاحب الثوب مع يمينه ولا يتحالفان عند أبي حنيفة رحمه الله وكان يجب أن يتحالفان؛ لأنهما اختلفا في نوع العقد ادعى أحدهما الهبة والآخر البيع فيجب أن يتحالفا عندهم وإن كان فسخ العقد متعذراً كما في صبغ يوجب الزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>