للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما في بيع العين إذا اختلفا في نوع العقد بعد الهلاك إلا أن الجواب عنه أن الاختلاف في نوع العقد بعد القبض إنما يوجب التحالف إذا كان إيجاب التحالف يفيد ثمرته وهو التراد كما في صبغ يوجب الزيادة وكما في بيع العين فإنهما متى حلفا ولم يثبت واحد من العقدين، فإنه يجب رد العين إن كان قائماً ورد القيمة إن كان هالكاً، فكان التحالف مفيداً ثمرته أما ها هنا التحالف لا يفيد ثمرته التراد، ولا يجب التراد متى حلفا ولم يثبت واحد من العقدين عند أبي حنيفة رحمه الله لا يجب رد العمل؛ لأنه غير ممكن ولا رد القيمة لأن مجرد العمل لا يتقوم بغير عقد وهنا يصير بغير عقد متى حلفا، فلهذا لم يجب التحالف وإذا لم يجب التحالف جعلنا القول قول رب الثوب؛ لأنه ينكر الأجر ويقوم عمله.

وكان الجواب في هذه المسألة عند أبي حنيفة كالجواب عند الكل فيما إذا اختلفا في نوع العقد في مسألة الحمل والقصارة وثمة لا يتحالفان عندهم جميعاً وعندهما يتحالفان ومتى حلفا يجب على رب الثوب قيمة ما زاد الصبغ، فيه فيفيد التحالف، ثمرته وهو التراد عندهما فيتحالفان عندهما كما في بيع عين بعد الهلاك عند الكل.

قال: ولو أن رجلاً اختلف هو والقصار في أجر ثوب، فقال: القصار عملته بربع درهم وقال رب الثوب: عملته بقيراط فهذا على وجهين: إما أن يختلفا في مقدار الأجر قبل الشروع في العمل أو بعد الفراغ من العمل، فإن اختلفا في مقدار الأجر قبل الشروع في العمل أو بعد الفراغ من العمل، فإن اختلفا في مقدار الأجر قبل الشروع في العمل فإنهما يتحالفان ويترادان وهكذا الجواب فيما تقدم من المسائل لو اختلفا في مقدار الأجر قبل الشروع في العمل تحالفا وترادا وذلك؛ لأن الإجارة نوع بيع فإنه بيع المنفعة فيعتبر بيع العين.

ولهذا لم يثبت الحيوان ديناً في الذمة في الإجارة كما في بيع العين وفي بيع العين، لو اختلفا في مقدار البدل حال إمكان الفسخ يتحالفان ويترادان فكذلك هذا فأما إذا اختلفا في مقدار الأجر بعد الفراغ من العمل، ذكر أن القول قول رب الثوب مع يمينه ولم يحكم قيمة ما زاد القصارة فيه.

فرق بين هذا وبين مسألة الصباغ إذا صبغه بعصفر أو زعفران، ثم اختلفا في مقدار الأجر فإنه يعتبر قيمة ما زاد الصبغ فيه.

ووجه الفرق بينهما أن يحكم قيمة ما زاد الصبغ فيه حال اختلافهما في مقدار الأجر ممكن؛ لأن لإيصال هذا الصبغ ثبوته موجب معلوم على صاحب الثوب لو حصل من غير عقد وهو قيمة ما زاد الصبغ فيه فيجعل ذلك موجب العقد حال اختلافهما في التسمية كأنهما تصادقا على ذلك، ثم ادعى أحدهما ما يغيره إما إلى زيادة أو نقصان ما ليس لاتصال القصارة وينوب غيره موجب معلوم لو جعل بغير عقد فإن من قصر ثوب إنسان بغير عقد فإنه لا يضمن صاحب الثوب له شيئاً إن قصر من غير مال اتصل به فلا إشكال؛ لأن المتصل ثبوته مجرد عمل ومجرد العمل لا يتقوم من غير عقد فلا شبهة عقد وإن قصر

<<  <  ج: ص:  >  >>