للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رب المتاع: ليس هذا متاعي، وقال الحمال: هذا متاعك، فالقول قول الحمال مع يمينه لما ذكرنا ولا يكون على الآجر أجر إلا أن يصدقه ويأخذه؛ لأنه لم يعترف باستيفاء المنافع.

قال: والنوع الآخر والنوعان في هذا سواء إلا أنه في النوع الواحد أفحش وأقبح يريد بهذا أنه لو حمله طعاماً أو زيتاً، فقال الحمال: هذا طعامك بعينه، وقال رب الطعام: كان طعامي أجود من هذا فإن يفحش أن يكون القول قول رب الطعام ويبطل الأجر ويحسن أن يكون القول قول الحمال ويأخذ الأجر إذا كان قد حمله، فأما إذا كانا نوعين مختلفين بأن جاء به شعيراً، وقال رب الطعام: كان طعامي حنطة لم يجب له الأجر حتى يصدقه؛ لأنه إذا اتحد الجنس فرب الطعام يملك أن يأخذه عوضاً عن طعامه؛ لأن الحمال قد بدل ذلك فإذا حصل له العوض سلمت له المنفعة، فأما في النوعين فلا يسعه أن يأخذ النوع الآخر إلا بالتراضي والبيع مما لم يصدقه لا يستحق عليه الأجرة.

نوع آخر

المؤاجر إذا وجد بالآخر عيباً وأراد أن يرده على المستأجر فهذا على وجهين: إما أن يصدقه المستأجر في ذلك أو يكذبه والأجرة عين كثوب بعينه أو حنطة بعينها أو كان ديناً بأن كانت الأجرة دراهم أو دنانير أو مكيلاً أو موزوناً في الذمة سوى الدراهم والدنانير، فإن صدقه المستأجر كان له أن يرده على المستأجر سواء كانت الأجرة ديناً أو عيناً؛ لأن العيب يثبت بتصادقهما كما في بيع العين وإن كذبه المستأجر وقال: ما أعطيتك هذا إن كانت الأجرة ديناً ولم يكن أقر المؤاجر بقبض الجياد ولا بالاستيفاء وإنما أقر بقبض الدراهم لا غير.

فالقياس أن يكون القول قول المردود عليه وهو المستأجر.

وفي الاستحسان يكون القول قول الراد مع يمينه وهو المؤاجر، وقد ذكرنا جنس هذا في كتاب البيوع هذا إذا لم يقر بقبض الجياد، فأما إذا أقر بقبض الجياد بأن قال: قبضت الجياد، أو قال: قبضت الأجر أو استوفيت فإنه لا يصدق؛ لأن الاستيفاء عبارة عن أخذ الحق بتمامه فيصير مقراً بقبض الجياد، وكذلك إذا قال: قبضت الأجر؛ لأنه أضاف القبض إلى الأجر والأجر سليم عن العيب فيضمن ذلك إقراراً بالجياد ولا تقبل بينة المؤاجر على ذلك؛ لأنه مناقض في الدعوى، فأما إذا كان عيناً فالقول قول المردود عليه قياساً واستحساناً كما في بيع العين وقد ذكرنا الفرق بين الأمرين في كتاب البيوع فلا نعيد ذكره.

ولو استأجر فاميّ من رجل بيتاً فباع فيه زماناً ثم خرج منه، واختلفا فيما فيه من الرفوف وأشباهه فقال رب البيت: كان هذا في بيتي حين استأجرته، وقال المستأجر: لا

<<  <  ج: ص:  >  >>