للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل أحدثته، فالقياس أن يكون القول قول رب الدار مع يمينه؛ لأنه بائع الأرض والبناء تكون هذه الأشياء مركباً بالأرض، والبناء والأرض لرب الدار فكذلك ما كان تبعاً للبناء والأرض يكون له.

ألا ترى أنهما لو اختلفا في خشب السقف أو في الباب المركب أو في العلو كان القول قول المستأجر.

ووجهه أن العرف فيما بين الناس أن المستأجر هو الذي يحدث هذه الأشياء فكان العرف شاهد للمستأجر فالتبعية بسبب التركيب شاهد لرب الدار أنه له فلم صار شاهد المستأجر أولى من شاهد رب الدار.

والجواب عنه أن يقال: بأن التركيب محتمل بين أن يكون من المستأجر وبين أن يكون من صاحب العمل؛ لأن كل واحد منهما يحدث ذلك وله فعله فقد استويا في التركيب ثم يرجح الحدوث من المستأجر بدلالة العرف فصار شاهد المستأجر أولى من هذا الوجه، وهكذا الجواب في الطحان وسائر الصناع إذا اختلفا فيما يحدثه الصناع في العرف والعادة دون الآجر، فالمسألة على القياس والاستحسان، والحاصل في جنس هذه المسائل أن كل شيء يحدثه المستأجر عادة لحاجته إليه، فالقول قول المستأجر.

ولو اختلف رب الدار والمستأجر في بناء من بناء الدار غير ما ذكرنا أو في باب أو في خشبة أدخلها في السقف، فقال رب الدار: أنا أجرتك وهذا فيها وقال المستأجر: بل أنا أحدثت فإن القول في هذا قول رب الدار مع يمينه؛ لأنه تابع لأرضه وبنائه ولا عرف أن المستأجر هو الذي يحدث ذلك فيكون لرب الدار وما كان له في الدار من لبن موضوع رطب أو يابس أو جذع موضوع أو آجر أو جص فهو للمستأجر؛ لأنه في يده حقيقة وحكماً ولم يعرف كونه في يد صاحب الدار فيكون القول قول المستأجر.

وإنما قلنا: إنه في يده أما حقيقة فلا إشكال وأما حكماً فلأنه ليس بتابع للدار؛ لأنه غير مركب فيه بل موضوع فيه، فإن أقاما جميعاً البينة على ذلك ففي كل شيء جعل قول المستأجر قال: ألحقه رب الدار؛ لأن رب الدار يدعي خلاف الظاهر.

ولو اختلفا في الجص أو في السيرة أو في التنور، فالقول فيه قول رب الدار قيل: هذا في التنور، بناء على عرفهم أما في عرفنا فالقول قول المستأجر؛ لأن المستأجر هو الذي في يده في عرفنا.

ولو انهدم بيت من الدار فقال المستأجر: نقضه لي وقال رب الدار: بل هو لي إذا عرف انهدام فالقول قول رب الدار وإن كان النقض منقولاً فالقول قول المستأجر لكونه في يده لأن هذا مشغول وإن كان في يد المستأجر حقيقة إلا أنه عرف كونه في يد صاحب الدار إذا عرف أنه ينقض بيت انهدم، وفي المنقول إنما يجعل القول قول ذي اليد إذا لم يعرف أنه في يد المدعي (٤٣آ٤) فأما إذا علم فالقول قول المدعي وإن كان لا يعرف فالقول قول المستأجر؛ لأنه في يده ولم يعرف أنه في يد المدعي وإن كان رب الدار أمر المستأجر أن يبني في الدار على أن يحسب له ذلك من الأجر واختلفا فقال المستأجر: أمرتني بالبناء وقد بنيت وقال رب الدار: لم يبن فالقول قول رب الدار مع يمينه؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>