للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعي عليه زيادة ورب الدار ينكر قالوا: هذا إذا كان مشكل الحال بأن اختلف في ذلك أهل تلك الصناعة.

فقال بعضهم: كما يقول رب البيت إنه يذهب في نفقة مثل هذا البناء قدر ما يدعيه رب البيت، وقال بعضهم: لا بل يذهب قدر ما يقوله المستأجر حتى يقدر معرفة قول أحدهما من جهة العين فتعتبر الدعوى والإنكار والمستأجر يدعي زيادة إيفاء ورب الدار ينكر فيكون القول قوله فأما إذا أجمع أهل تلك الصناعة على قول أحدهما، وقالوا: يذهب من التفت في مثل هذا البناء ما يقوله أحدهما، فالقول قوله؛ لأنه أمكن معرفة ما وقع التنازع فيه من جهة غيرها لا يلتفت إلى قولهما.

ولو كان على باب بيتهما مصراعين أحدهما ساقط والآخر معلق بالباب واختلفا في الساقط فالقول قول رب الدار إذا عرف أنه أجود وإن كان منقولاً فالقول قول المستأجر في المنقول إنما كان كذلك؛ لأنه عرف كونه في يدرب الدار لما عرف أنه أخ المعلق وفي مثل هذا القول قول رب الدار على ما مر.

ولو كان بيتاً سقفه مصور لجذوع مصورة فسقط جذع منها فكان مطروحاً في البيت فاختلف رب الدار والمستأجر فيه فقال رب الدار: هو سقف هذا البيت وقال المستأجر: بل هو لي وهو يقرأن تصاويره يوافق لتصاوير البيت فإن القول في ذلك قول رب الدار مع يمينه وإن كان منقولاً؛ لأنه منقول عرف كونه في يدرب الدار لما كان تصاويره موافقاً للتصاوير التي كان على السقف.

إذا تكارى منزلاً من رجل في الدار وفي الدار ساكن كل شهر بدرهم فأدخله في الدار وخلى بينه وبين المنزل وقال: اسكنه فلما جاء رأس الشهر طلب رب المنزل الأجر فقال المستأجر: ما سكنه حال بيني وبين المنزل ففيه كان يسكن في الدار أو غاصب ولا بينة له بذلك والساكن مقر بذلك أو جاحد لا يلتفت إلى قول الساكن؛ لأنه شاهد على الغير أو مقر وشهادة الفرد والإقرار على الغير لا يقبل قول الساكن يبقى بالاختلاف بين الآجر والمستأجر ينظر في ذلك إن كان المستأجر هو الساكن في الدار حالة المنازعة، فالقول قول رب الدار وعليه الأجر.

وإن كان الساكن في المنزل غير المستأجر، فالقول قول المستأجر ولا أجر عليه وذلك لأن كل الأجر لا يستحق بنفس العقد ولا بأصل التسليم وإنما يستحق كل الأجر بدوام التسليم من ابتداء المدة إلى آخرها ودوام التسليم ثابت باستصحاب الحال لا بدليل يوجب الدوام وذلك؛ لأن ما ثبت إن كان على البقاء ما لم يقم دليل الزوال فمن الجائز أنه زال التسليم بعدما وجب بدليل أوجب زواله بأن غصب منه غاصب.

وهذا هو حد استصحاب الحال والثابت باستصحاب الحال ثابت من وجه غير ثابت من وجه ولهذا صلح الدفع ولم يصلح الاستحقاق وجميع الأجر غير واجب فلا يمكننا إيجابه بدوام تسليم ما ثبت باستصحاب الحال ما لم يترجح ما يوجب دوام التسليم على ما يوجب زواله فحكمنا في ذلك الخلل.

<<  <  ج: ص:  >  >>