للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لا يصدق فيما أقربه ولو أن الأول أقام البينة على ما ادعى سمعت بينته وإن كان البائع مقراً بذلك؛ لأن إقراره غير مقبول لحق الثاني فصار وجود إقراره وعدمه بمنزلة فقبلت البينة عليه، فكذلك هذا وإذا سمعت بينه المستأجر وكأن المكاري باعه من غيره إن كان باعه بعذر فإن كان عليه دين فادح لم يكن للمستأجر سبيل على الدابة؛ لأن الإجارة تنتقض متى حصل البيع حالة العذر بقضاء قاضٍ على الروايات كلها وبغير قضاء القاضي على عامة الروايات، وفي رواية «الزيادات» لا تنتقض وإذا انتقضت الإجارة لا يبقى للمستأجر على الدابة سبيل.

وإن كان باعها بغير عذر كان المستأجر أحق بها إلى أن تنقضي مدة إجارته؛ لأن بيع المستأجر من غير عذر لا يوجب انتقاض الإجارة وإذا أبقى إجارة المستأجر وقد ثبت بالبينة أن إجارته كانت جامعة على بيع الذي في يده الدابة؛ كان المستأجر أحق بها إلى أن تنقضي مدة إجارته وما يقول في الكتاب أن البيع مردود، فتأويله إذا فسخ المشتري البيع.

وذلك لأن المستأجر لما كان أحق بالدابة بأجر قبض المشتري فيتخير إن شاء يتربص إلى أن تنقضي مدة إجارته وإن شاء فسخ البيع كما لو اشترى عبداً فأبق قبل القبض فإذا تربص حتى انقضت مدة الإجارة يكون البيع جائز أو لا يكون للمستأجر حق الفسخ؛ لأنه توصل إلى حقه من غير فسخ وإن كان أجر من غيره أو أعار أو وهب أو تصدق كان المستأجر الأول أحق بها إلى أن يستوفي إجارته ثمة تجوز هذه التصرفات ويكون الجواب في حق هذه التصرفات كالجواب فيما إذا باعه بغير عذر؛ لأن العذر لا يستحق في حق هذه الأشياء حتى تنتقض الإجارة هذا الذي ذكرنا إذا كان المكاري حاضراً.

فأما إذا كان المكاري غائباً فإن بينة المستأجر تقبل إذا كان الذي في يديه الدابة مشترياً أو متصدقاً عليه أو موهوباً له؛ لأن الذي في يديه الدابة متى كان مشترياً أو متصدقاً عليه يدعي الملك لنفسه فيما في يده فينتصب خصماً لكل من ادعى حقاً في يده وقد ادعى المستأجر حقاً فيما في يده فينتصب خصماً له وقبلت بينته بعد هذا إن كان باعه المكاري بعذر فلا سبيل له على الدابة؛ لأن الإجارة انتقضت فإن كان باعه بغير عذر أو وهب أو تصدق كان المستأجر أحق به إلى أن يستوفي إجارته؛ لأن إجارته سابقة على هذه التصرفات فكان المستأجر أحق بها إلى أن يستوفي إجارته، فأما إذا كان الذي في يده الدابة مستأجراً أو مستعيراً أو مودعاً وقد صدقه المستكري فيما قال، قال: لا تقبل بينته عليه؛ لأنه ثبت بتصادقهما أن ذا اليد مستأجر أو مستعير أو مودع من رجل معروف والمودع والمستعير والمستأجر لا ينتصب خصماً، فالبينة قامت لا على خصم فلا تقبل.

ثمة يقول في «الكتاب» : والمستأجر أحق بها حتى يستوفي إجارته ولم يذكر أن المستأجر الأول أحق بها أم الثاني، ويجب أن يكون الجواب على التفصيل إن كان المكاري حاضراً فالمستأجر الأول أحق بها، وإن كان غائباً فالمستأجر الثاني أحق بها لأن المكاري إذا كان حاضراً فبينة المستأجر الأول مقبولة في هذه الحالة والثابت بالبينة

<<  <  ج: ص:  >  >>