للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفاد له كالثابت معاينة ولو عاين القاضي إجارته أولاً جعل الأول أحق بها، فكذا إذا ثبت بالبينة، وأما إذا كان المكاري غائباً فبينة المستأجر الأول لا تقبل في هذه الحالة فيكون الثاني أحق بها إلى أن يستوفي إجارته.

ذكر شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده المسألة على هذا الوجه فلم يجعل المستأجر الثاني خصماً للمستأجر الأول.

وذكر الشيخ الإمام الزاهد أحمد الطواويسي والشيخ الإمام الزاهد فخر الإسلام علي البزدوي أن بينة المستأجر على صاحب اليد إذا كان مستأجراً مقبولة وجعله خصماً له، وفرقا بين المستأجر وبين المستعير والمودع.

رجل استأجر دابة من رجل إلى واسط بعشرة دراهم وقال المكاري للمستكري: استكر علي غلاماً يتبعك ويتبع الدابة وأجره علي وأعطه نفقة ينفق على نفسه وعلّى الدابة من كراء الدابة كان ذلك جائز، فإن اختلفا فقال المستكري: استكريت الغلام وأعطيت نفقته ونفقة الدابة من كراء الدابة وقد برئت من الأجر بذلك القدر وأنكر صاحب (٤٤ب٤) الدابة استئجار العبد، فالقول قول صاحب الدابة أنه لم يستأجر وعلى المستكري البينة أنه استأجر الغلام، وإن كان المستكري وكيلاً بالاستئجار؛ لأن الوكيل بالاستئجار بمنزلة الوكيل بالشراء إذا قال: اشتريت وهلك الثمن عندي وأراد أن يرجع بالثمن على موكله والوكيل بالشراء إذا أقر أنه اشترى وهلك عنده ولم يكن الثمن مدفوعاً إليه وأنكر الموكل فالقول قول الموكل مع يمينه وعلى الوكيل البينة أنه اشترى فكذلك ها هنا، فإن أقام البينة على أنه استأجر الغلام بعد هذا وأقر الغلام أنه قبض النفقة إلا أنه ضاع أو سرق منه وأنكر المكاري كان القول قوله، يعني: قول الغلام؛ لأنه لما ثبت استئجار الغلام صار الغلام وكيلاً من جهة المكاري يقبض ما عليه من الكراء بمقدار النفقة الوكيل بقبض الدين إذا قال: قبضت وهلك عندي كان القول قوله فكذا هذا.

فإن قيل: كيف يصير الغلام وكيلاً من جهة المكاري بقبض ما عليه من الكراء بمقدار نفقته ونفقة الدابة وهو لم يعلم بهذه الوكالة؟ قلنا: المستكري أخبره بذلك؛ لأنه حال ما يستأجر يجبره أنه يستأجره ليفعل كذا، فيصير وكيلاً كرجل وكل غائباً فبلغه الوكالة فإنه يصير وكيلاً، فكذلك هذا.

رجل استأجر دابة ذاهباً وجائياً فمات المكاري في الطريق فإن الإجارة لا تنتقض فإن استأجر المستكري رجلاً حتى يقوم على الدابة جاز وكان أجره على المستكري ولا يرجع بذلك على الورثة والمسألة قد مرت فإن اختلف الورثة والمستكري فقالت الورثة: إنما أجرك أبونا هذه الدابة على أن مؤنة الدابة عليك وأنكر المستكري ذلك فالقول قوله؛ لأنهم يدعون على المستكري زيادة والمستكري ينكر فيكون القول قوله مع يمينه، وإن أقاما البينة فالبينة بينة الورثة؛ لأنهم يدعون زيادة في الأجر منها بينة المستأجر فتكون البينة بينة الورثة وإن كانوا لا يستحقون هذه الزيادة ببينتهم لفساد العقد.

هذا كما ذكر في كتاب المزارعة: إذا اختلف المزارع وصاحب الأرض في مقدار

<<  <  ج: ص:  >  >>