للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا تكارى الرجل دابة من الكوفة إلى فارس وسمى مدينة معلومة فالإجارة جائزة؛ لأن المعقود عليه معلوم، والأجر معلوم فإن اختلفا في النقد فقال لمستأجر: أعطيتك نقد فارس؛ لأن الوجوب كان بفارس أنقص، وقال المكاري: لا بل عليك نقد كوفة؛ لأن العقد بالكوفة ونقد الكوفة أزيد كان عليه نقد المكان الذي فيه العقد لا نقد المكان الذي حصل فيه الوجوب وذلك؛ لأن الوجوب تبع للعقد؛ لأنه حكم من أحكام العقد والأحكام تابعة لأسبابها، وإذا كان الوجوب تبعاً للعقد كان العقد أصلاً فكان إيجاب مكان العقد وإنه أصل أولى من إيجاب نقد مكان الوجوب، وكان هذا بمنزلة ما لو اشتري عبداً بألف درهم إلى ستين ثم تغير النقد فما كان وقت العقد فإنه يجب نقد ما كان وقت العقد لا نقد ما كان وقت المطالبة لأن المطالبة تبع للعقد لأنه يوجب بسبب العقد فكان اعتبار مكان وقت العقد وإنه أصل أولي من اعتبار مكان وقت المطالبة وإنه تبع فكذلك هذا.

وإذا استأجر الرجل دابة إلى الحيرة فقال رب الدابة: هذه الدابة دونك فاركبها فلما كان يقدر ما يرجع من الحيرة اختلفا فقال المستكري: لم أذهب بها إلى الحيرة فلا أجر علي وقال صاحب الدابة: لا بل ذهبت بها إلى الحيرة ولي عليك الأجر فهذا على وجهين: إما إن يعلم خروجه إلى الحيرة أو لم يعلم خروجه، فإن لم يعلم خروجه وتوجهه إلى الحيرة فالقول قول المستأجر؛ لأنه متى لم يعلم خروجه فحاصل اختلافهما وقع في التسليم في المكان الذي أضيف إليه العقد صاحب الدابة يدعى تسليمها في المكان الذي أضيف العقد إليه والمستأجر ينكر فيكون القول قول المستأجر، وإن علم خروجه إلى الحيرة فالقول قول صاحب الدابة؛ لأنه متى علم خروجه إلى الحيرة فقد ثبت التسليم في المكان الذي أضيف إليه العقد حاصل اختلافهما بعد ذلك إنما وقع في انقطاع التسليم.

المستأجر يدعي انقطاع التسليم بعدما وجد، وصاحب الدابة ينكر فيكون القول قوله، وكان المستأجر الدار إذا ادعى أنه غصب الدابة منه بعد ما سلم للدار إليه وصاحب الدار ينكر وهناك القول قول صاحب الدار إذا لم يكن في الدار غاصب وقت المنازعة فكذلك هذا.

نوع آخر

إذا وقع الاختلاف بين المستأجر وصاحب الرحى فهذا على وجهين: إما أن يختلفا في مقدار مدة الانقطاع بأن قال صاحب الرحى: انقطع خمسة أيام وقال المستأجر: انقطع عشرة أيام أو يختلفا في أصل الانقطاع بأن قال المستأجر: انقطع الماء عشرة أيام وقال صاحب الرحى: لم ينقطع.

فإن اختلفا في مقدار مدة الانقطاع بعدما اتفقا على الانقطاع فالقول قول المستأجر مع يمينه لوجوه ثلاثة:

الأول: وهو أن صاحب الرحى مع المستأجر اتفقا على زوال التسليم بعد ما كان ثابتاً حين اتفقا على انقطاع الماء لأن انقطاع الماء يوجب زوال التسليم ولهذا سقط الأجر

<<  <  ج: ص:  >  >>