للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقدره فصاحب الرحى بعد ذلك يدعي تسليماً مبتدأ بعود الماء بعد خمسة أيام والمستأجر ينكر فيكون القول قوله، كما لو لم يكن التسليم ثابتاً ادعى صاحب الرحى التسليم والمستأجر ينكر فيكون القول قوله فكذلك هذا.

والثاني: أن صاحب الرحى يدعي على المستأجر زيادة أجر والمستأجر ينكر فكان القول قول المستأجر مع يمينه.

والثالث: أن العقد انفسخ في مدة خمسة أيام باتفاقهما؛ لأن انقطاع الماء يوجب انفساخ العقد ولهذا يسقط الأجر بقدره فصاحب الرحى بعد مضي خمسة أيام يدعي عود العقد والمستأجر ينكر، فعلى العبارات الثلاث القول قول المستأجر مع يمينه.

فأما إذا اختلفا في أصل الانقطاع فإنه يُحَكَّم الحال إن كان الماء جارياً وقت الخصومة فالقول قول صاحب الرحى مع يمينه؛ لأن ظاهر الحال يشهد له؛ لأن الماء كان جارياً في الابتداء ووقت الخصومة جاري فالظاهر أنه لم ينقطع فيما بين ذلك، فمن ادعى الانقطاع فقد ادعى خلاف الظاهر فكان مدعياً والآخر منكراً، وإن كان الماء منقطعاً وقت الخصومة فالقول قول المستأجر؛ لأن الظاهر يشهد للمستأجر؛ لأن الانقطاع للحال يدل على انقطاعه فيما مضى من حيث الظاهر فيجعل القول قول المستأجر.

وإذا استأجر الرجل رحى ماء فأنكر أحد الحجرين أو الدوارة فهذا عذر وله أن يفسخ الإجارة لما ذكرنا من قبل، وكذلك إذا انكسر البيت فإن اختلفا فهذا على وجهين: إما أن يختلفا في مدة الانكسار بعد ما اتفقا على الانكسار، أو يختلفا في أصل الانكسار والجواب فيه كالجواب فيما إذا اختلفا في قدر مدة الانقطاع وفي أصل الانقطاع.

وإذا تكارى رجل من غيره إبلاً مسماة من الكوفة إلى مكة ثم اختلفا في الخروج فقال أحدهما: أخرج لعشرة ذي القعدة وقال الآجر: لا بل يخرج بعد خمس يمضين من ذي القعدة، فإنه يؤخذ بقول من يقول أخرج بعد خمس يمضين من ذي القعدة وذلك لأن ما يقوله هذا أقرب إلى المعروف المعتاد فيما بينهم؛ لأن المعروف المعتاد فيما بينهم أنهم كانوا يخرجون بعد عشر يمضين من ذي القعدة؛ لأنهم كانوا لا يخافون فوات الحج ولا يلحقهم تعب السرعة في السير بطي المراحل؛ لأن من الكوفة إلى مكة سبعة وعشرين مرحلة فيحتاج إلى سبعة وعشرين يوماً، وقد بقي من ذي القعدة عشرين إن كُمِلَّ الشهر وإن أنقص تبقى تسعة عشر فيحتاج إلى سبعة أو إلى ثمانية من عشر ذي الحجة فيكونون يوم التروية بمكة لا محالة، وإذا كان الوقت المعروف للخروج فيما بينهم بعد عشر يمضين من ذي القعدة، فمن قال: أخرج بعد عشر يمضين كان ما يقول أقرب إلى المعروف المعتاد مما يقوله الآخر؛ لأنه يدعي التقدم على الوقت المعتاد بخمسة، والآخر يدعي التقدم بعشرة، فكان الأخذ بقوله أولى إذ ليس في الأخذ بقوله فوات الحج ولا تعب السرعة بطي المراحل وهذا بخلاف ما لو قال أحدهما: أخرج بعد النصف من ذي القعدة وقال الآخر: بل أخرج بعد خمس يمضين، فإنه لا يؤخذ بقول واحد منهما ويؤخد بالوقت المعتاد وذلك؛ لأن ما يقوله كل واحد منهما في المقارنة في الوقت المعتاد وفي المخالفة

<<  <  ج: ص:  >  >>