للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على السواء (٤٥ب٤) لأن أحدهما يدعي التقدم على الوقت المعتاد بخمسة والآخر يدعي التأخر عن الوقت المعتاد بخمسة فلم يمكن ترجيح قول أحدهما على الآخر فتساقط القولان للتعارض فوجب الأخذ بالوقت المعتاد وذلك بعد عشر يمضين بخلاف الفصل الأول؛ لأن هناك أمكن ترجيح قول أحدهما على الآخر من الوجه الذي ذكرنا وهذا كله إذا لم يتفقا على شيء، فأما إذا اتفقا على وقت فإنه يجب الأخذ بذلك، وإن كان ما اتفقا عليه خلاف المعروف المعتاد؛ لأنه لا عبرة للعرف متى جاء

الشرط بخلافه، كما في نقد البلد في البياعات لا عبرة بها متى جاء الشرط بخلافه فكذلك هذا.

نوع آخر

الأصل في هذا النوع أن التنازع متى وقع بين اثنين لم يصر قول أحدهما حجة على الآخر وهذا ظاهر.

والثاني: أن القضاء بالبينة على الغائب وللغائب من غير أن يكون عنه خصم حاضر إما حكمي أو قصدي لا يجوز، والقضاء للغائب بإقرار الحاضر جائز.

والثالث: لأن البينة متى قامت لحفظ مال الغائب ودفع الهلاك والفساد عن ماله فالقاضي بالخيار إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل؛ لأنها قامت على إثبات حق الغائب من وجه ليس عنه خصم حاضر إلا أن فيه وقع الفساد والهلاك عن أموال من كان عاجزاً عن الحفظ بنفسه، والقاضي نصب ناظراً للمسلمين فإن شاء مال إلى هذا الجانب وإن شاء مال إلى ذلك الجانب.

قال: رجلان استأجرا دابة من الري إلى الكوفة بأجر مسمى، فلما ذهبا إلى الكوفة اختصما عند القاضي فقال أحدهما: اكتريناها من فلان إلى الكوفة ذاهباً وجائياً وقال الآخر: اكتريناها من فلان إلى مكة ذاهباً وجائياً ولا بينة لواحد منهما فإن القاضي يقضي بالدابة ملكاً للمقر له الغائب؛ لأنهما أقرا أنها مملوكة للغائب والدابة في أيديهما وإقرار صاحب اليد بما في يده للغائب صحيح فصّح القضاء به للغائب ولا يقضي فيها بالإجارة؛ لأنهما يدعيان الإجارة فيها على الغائب والقضاء على الغائب بالبينة لا يجوز، فكيف بمجرد دعواهما، ويمنع القاضي كل واحد منها من الذهاب إلى الموضع الذي يدعي؛ لأن كل واحد منهما ينازع الآخر، وقد بينا أن قول كل واحد من المنازعين ليس بحجة على صاحبه، فإن اجتمعا على شيء تركهما القاضي وما اجتمعا عليه؛ لأن الدابة في أيديهما وقولهما فيما لا منازع لهما حجة وليس للقاضي إنشاء الخصومة للغائب فيدعهما وما اجتمعا عليه، كرجل في يده مال وهو يقول:

وهبه لي فلان أو قال: دفع إلي فلان أو دفعه إلي فلان أجر، فالقاضي لا يتعرض له لما قلنا كذا ها هنا.

فإن طلبا من القاضي أن يأمرهما بالنفقة عليها أو بيعها، فالقاضي لا يأمرهما بذلك؛ لأن القاضي إنما يجوز له الأمر بالإنفاق على الدابة والأمر بالبيع نظراً للغائب وإنما يكون نظراً للغائب إن كانا أمينين في الدابة بحيث لو لم ينفقا وهلكت الدابة لا يكون عليها ضمان، وهذا محتمل يجوز أن يكونا ضامنين فلهذا لا يأمرهما القاضي بذلك قبل إقامة البينة، فإن أقام كل

<<  <  ج: ص:  >  >>