قال القاضي: الإمام ركن الإسلام علي السغدي: ينبغي أن يُحَكِّم الحال إن كانت فارغة فالقول للآجر وإن لم يكن فللمستأجر.
وفي الدعوى من الفتاوي: أرسل صاحب الكرابيس إلى قصار رسولاً ليسترد ثيابه الأربع، فلما أتى به فإذا هو ثلاثة قال القصار: دفعت إليه أربعة، وقال الرسول: دفع إلي ولم يعده قال: يسأل صاحب الثياب فأيهما صدقه منهما برئ عن خصومته وأيهما كذبه يحلفه، فإن حلف برئ وإن أبى لزمه ما ادعاه فإن صدق القصار وجب عليه أجر الثوب الرابع وإن كذبه وحلف القصار، فللقصار على صاحب الثوب اليمين على الآجر، فإن حلف برئ عن الأجر بحصة الثوب الرابع.
قاله أبو بكر: استأجر من آخر دابة، وذهب إلى سمرقند فجاء آخر وادعاها لنفسه ولم يصدقه أنه مستأجر واستحق عليه هل للآجر أن يرجع على بائعه؟ قيل لا أشار إليه في الباب الثاني من الزيادات فإنه قال: جاريته في يد عبد الله فقال إبراهيم لمحمد: هذه الجارية بعتها منك وسلمتها إليك وقد غصبها منك عبد الله وصدقه محمد، فلإبراهيم أن يأخذ الثمن من محمد، ولو استحق إنسان الجارية بالبينة من يد عبد الله ليس لمحمد أن يرجع على إبراهيم؛ لأن في زعم البائع وهو إبراهيم والمشتري وهو محمد أن عبد الله غاصب والغاصب لا ينتصب خصماً في إثبات الاستحقاق عليه، فلم يثبت الاستحقاق في حقهما فلا يرجع عليه، فإن كان المدعي للدابة فعلاً على الذي في يديه الدابة بأن قال: هذه الدابة ملكي غصبتها مني ينتصب هو خصماً ويسمع عليه البينة ويكون للآجر حق الرجوع على بائعه إذا ادعى على آجر أني استأجرت هذه الدابة التي في يدك من فلان بتاريخ كذا قبل أن تستأجرها أنت هل ينتصب صاحب اليد خصماً للمدعي في حق إثبات الإجارة عليه؟ حتى لو أقام بينة على الإجارة هل تسمع بينته؟ فهذا على وجهين:
إن ادعى المدعي على صاحب اليد فعلاً بأن قال: استأجرت هذه الدار من فلان وقبضتها فأخذتها مني بغير حق أو غصبتها مني تسمع بينته، وأما إذا قال: استأجرت من فلان قبل أن تستأجر أنت وقد سلم إليك ولم يدع عليه فعلاً لا تسمع بينته؛ لأن المستأجر لا ينتصب خصماً لا في إثبات الكل المطلق ولا في إثبات الإجارة عليه إلا بدعوى الفعل عليه، ويشترط دعوى فعل موجب للرد لا دعوى الفعل المطلق.
ألا ترى أنه لو قال المدعي: هذه الدار ملكي اشتريته من الذي أجرها منك لا ينتصب هو خصماً للمدعي وهو نظير مسألة الوديعة إذا ادعى رجل الوديعة وادعى أنه اشتراها من المودع لا ينتصب المودع خصماً له بخلاف ما إذا ادعى الوراثة وقد ذكرنا قبل هذا في مثل هذه المسألة أن المستأجر ينتصب خصماً لمن يدعي الاستئجار قبله على قول الشيخ الإمام الزاهد علي (٤٦ب٤) البزدوي، والشيخ الإمام الزاهد أحمد الطواويسي من غير تفصيل ولا ينتصب خصماً على ما ذكره شيخ الإسلام من غير تفصيل. والله أعلم.