في فصل القصار؛ لأن الخياط وجد منه نوع استهلاك والقصار لم يوجد منه الاستهلاك أصلاً.
هشام قال: سألت محمد عن رجل دفع إلى قصار ثوباً فقصره له بدرهم فأعطاه القصار ثوباً وقال: هذا ثوبك وقال رب الثوب: ويراه عوضاً عن ثوبه قال: لا يسعه لبسه أو قال: بيعه إلا أن يقول رب الثوب للقصار: أخذته عوضاً عن ثوبي فيقول القصار: نعم؛ لأن عند ذلك ينعقد بينهما مبادلة ويصير هذا الثوب ملكاً للدافع بالمبادلة.
هشام قال: سألت محمداً رحمه الله عن القصار ومن بمعناه إذا دفع إليهم الشيء بأجر إذا ادعى وذلك الشيء على الدافع لا يصدق عليه إلا ببينة، وكذلك الأجير المشترك في رعي البقر والغنم وهذا الجواب مستقيم على قول محمد ومن يرى أن يد أجير المشترك يد ضمان، أما من يرى أن يده يد أمانة وهو أبو حنيفة رحمه الله يقول: يقبل قوله في الرد كالمودع وكذلك إن ادعى الموت كان كما إذا ادعى الرد قال: ولو تكاراه على أن يحمل له مملوكاً، فادعى أنه مات صدق بلا بينة وليس ولد آدم كالبهائم.
ابن سماعة عن محمد: في رجل أجر رجلاً داراً بعشرة دراهم فاستحقها رجل ببينة قامت له على الدار وقال: كنت دفعتها إلى الآجر وأمرته أن يؤجرها لي فالأجرة لي وقال الآجر: كنت غصبتها منه وأجرتها فالأجرة لي، فالقول قول رب الدار ويأخذ الأجر؛ لأن الظاهر شاهد لرب الدار فإن الظاهر أن الإنسان يتصرف في ملك الغير لذلك الغير وإن أقام الآجر بينة على ما ادعى من الغصب لم تقبل بينته؛ لأن بهذه البينة يريد إبطال قول المستحق والبينات شرعت للإثبات لا للإبطال، وإن أقام بينة على إقرار المستحق بما ادعى من الغصب قبلت بينته وكانت الأجرة له؛ لأنه البينة لا تبطل حق المستحق إنما يثبت إقراره بالغصب ثم إذا ثبت الغصب ترتب عليه حكم الآجر.
وذكر الحاكم الشهيد في «المنتقى» عن هذه المسألة في الدابة برواية هشام عن محمد رحمه الله، وذكر الجواب فيها على نحو ما ذكرنا في مسألة الدار.
ولو كان الآجر بنى في الأرض بناء ثم أجرها بسببه فقال رب الأرض أمرتك أن تبني وتؤاجر وقال الآجر: غصبتك وبنيتها وأجرتها قال: يقسم الأجر على قيمة الأرض غير مبنية وعلى البناء فما أصاب الأرض فهو لرب الأرض وما أصاب البناء في يده.
إبراهيم وهشام عن محمد رحمه الله: في رجل في يديه أرض زرعها فقال رب الأرض: أمرتك أن تزرع فزرعت بأمري، وقال المزارع: غصبتها وزرعتها لنفسي فالقول قول الزارع يأخذ منه قدر بذره ونفقته ويتصدق بالفضل وهذا؛ لأن الزارع زرعه ببذر كان في يده والزرع نما ذلك البذر فالظاهر كما يشهد له في البذر يشهد له في نمائه فيقبل قوله فيه.
وفي «فتاوى الفضلي» : فيمن استأجر ضياعاً بعضها مزروعة، وبعضها فارغة قال: يجوز في الفارغة دون المشغولة، وإذا اختلفا فالقول للمؤاجر بخلاف البيع، فإن هناك القول لمن يدعي الصحة، لأن هناك اتفقا على أصل العقد واختلفا في وصف الصحة،