أحدهما: إذا كانت الدابة تطيق حمل ما زاد، وكانت تسير مع الحمل، أما إذا كانت لا تطيق، يضمن جميع قيمتها على قياس مسألة تأتي بعد هذا. والثاني: أن يحمل عليها أحد عشر مختوماً دفعة واحدة أما إذا حمل عليها عشرة مخاتيم حنطة ثم حمل عليها مختوماً، وعطبت الدابة يضمن قيمتها بتمامها، إذا حمل الحادي عشر في المكان الذي حمل العشرة، أما إذا حمل في مكان براً ويجب يضمن بقدر الزيادة على قياس مسألة تأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
فرق بين هذه المسألة، وبينما إذا استأجر ثوراً ليطحن به عشرة مخاتيم حنطة، فطحن أحد عشر مختوماً وعطبت الدابة، أو استأجرها ليكري بها جريباً، فكريت جريباً ونصف جريب، وهلك الثور، فإنه يضمن جميع القيمة؛ لأن الطحن يكون شيئاً فشيئاً. فكلما طحن عشرة انتهى العقد، فبعد ذلك هو في طحن الحادي عشر مخالف من كل وجه، فيضمن جميع قيمتها، كما لو طحن عليها قفيزاً ابتداء فأما الحمل يكون دفعة واحدة، وبعض المجهول مأذون فيه، فلا يضمن بقدره.
قال: وإذا استأجر دابة ليركبها، فركب هو وحمل مع نفسه آخر، إن سلمت الدابة، فعليه الأجر كاملاً لأنه استوفى المعقود عليه وزيادة، ولم يملك شيئاً من المستأجر؛ لأنه لا ضمان لما سلمت الدابة، ولو ثبت الملك ليست بالضمان، فإن هلكت الدابة من ركوبهما بعدما بلغا المكان المشروط، فعليه الأجر كملاً ويضمن نصف قيمة الدابة. وإنما ضمن نصف القيمة؛ لأن الدابة تلفت من ركوبهما، فيكون التالف بركوب كل واحد منهما النصف، وركوب أحدهما مأذون فيه وركوب الآخر ليس بمأذون فيه، فيعطي لكل ركوب حكم نفسه، ويكون للمالك في ذلك الخيار، فإن شاء ضمن المستأجر، وإن شاء ضمن ذلك الغير.
فإن ضمن المستأجر (٤٧ب٤) لا يرجع على ذلك الغير مستأجراً كان أو مستعيراً، وإن ضمن ذلك الغير رجع على المستأجر إن كان ذلك الغير مستأجراً أو إن كان مستعيراً لا يرجع عليه، ثم في حق الضمان يستوي أن يكون ذلك الغير أخف أو أثقل؛ لأن العبرة في باب الركوب للعدد؛ لأن التلف لا يحصل بالثقل؛ لأن رب بخف ركوبه يفسد الدابة، لقلة هدايته بأمر الركوب؛ لحركاته واضطرابه، ورب جسيم لا يفسدها، هداية بأمر الركوب لقلة حركاته واضطرابه على الدابة فسقط اعتبار الوزن في الراكب، وثبتت العبرة للعدد.
قالوا: وإنما يضمن نصف قيمة الدابة إذا كانت الدابة تطيق ركوب اثنين، أما إذا كانت لا تطيق ركوب اثنين يضمن جميع قيمة الدابة؛ لأن ركوبهما والحالة هذه، قيل: معنى إن كان ركوباً صورة، والعبرة للمعنى، وإنما كان على المستأجر الأجر كاملاً وإن ضمن نصف القيمة وصار نصف الدابة ملكاً له بالضمان، لأن القدر المضمون ليس بمستأجر، لأن المستأجر من هذه الدابة قدر ركوبه؛ لأن المعقود عليه متعذر بالعمل، فصار قدر ركوبه من هذه الدابة مستأجراً ومازاد على ذلك غير مستأجر، والتقريب ما ذكرنا.