للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن محمداً رحمه الله أوجب في هذه المسألة نصف القيمة مطلقاً، وذكر في «الجامع الصغير» فيمن استأجر دابة إلى القادسية فأردف رجلاً خلفه، فعطبت الدابة ضمن بقدر الزيادة. وذكر في «الجامع الصغير» أيضاً بعد مسالة القادسية بكثير واعتبر فيها الحزر والظن.

وفي «القدوري» يقول: المستأجر يضمن النصف، سواء كان الثاني أخف أو أثقل. قال الإمام الزاهد فخر الإسلام علي البزدوي رحمه الله: وحاصل ذلك: أن يعتبر الحزر والظن، فإن أشكل يعتبر العدد، وإن حمل عليها مع نفسه صغيراً لا يمكنه استعمال الدابة، ولا تصريفها ضمن بحساب ما زاد، لأن الصغير إذا كان بهذه المثابة، فحمله وحمل شيئاً آخر سواء. وإن حمل عليها مع نفسه شيئاً آخر، وبلغت الدابة ضمن بقدر الزيادة تحرر القاضي الراكب ويزن ما حمل مع نفسه أو يرجع في ذلك إلى من له مهارة يعرف أن هذا الحمل كم يزيد على قدر ركوبه، كذا هاهنا.

ثم إذا ركب وحمل عليها مع نفسه حملاً يضمن بقدر ما زاد إذا ركب في غير مكان الحمل؛ لأن ثقل الراكب مع ثقل الحمل لا يجتمعان في مكان واحد، فيبقى موافقاً في البعض مخالفاً في البعض، فيضمن بحساب ما خالف فأما إذا ركب على مكان الحمل يضمن جميع القيمة؛ لأن ثقل الراكب مع ثقل الحمل يجتمعان في مكان واحد، فيكون أدق على الدابة. فعلى هذه المسألة نقول:

إذا استأجر دابة ليركبها، فركبها وحمل على عاتقه غيره، يضمن جميع القيمة، وهذا إذا كانت الدابة تطيق أن يركب عليها مع الحمل، أما إذا كانت لا تطيق ذلك يجب جميع الضمان في الأحوال كلها.

ولو استأجر ليركبها فلبس من الثياب أكثر مما كان عليه حين استأجرها إن لبس من ذلك مثل ما يلبسه الناس، فلا ضمان، وإن لبس ما لا يلبسه الناس ضمن بحساب ما زاد؛ لأن في الفعل الأول ما زاد من الثياب داخل تحت الإجارة عرفاً، والمعروف كالمشروط.

وفي الفعل الثاني: ما زاد من الثياب ليس بداخل تحت الإجارة أصلاً لا عرفاً ولا شرطاً، فيضمن بحساب ذلك، كما لو حمل عليها شيئاً آخر. وإذا استأجر دابة ليركبها فلم يركبها بنفسه بل ركب غيره، ضمن قيمة الدابة؛ لأن ركوب غيره ليس بداخل تحت العقد لأن الناس يتفاوتون في الركوب.

وفي «الأصل» : إذا تكارى الرجل من غيره دابة يحمل عليها إنساناً بأجر معلوم، فحمل عليها امرأة ثقيلة، فعطبت الدابة، فإن كانت الدابة بحال تطيق حملها، فإنه لا ضمان؛ لأنه حمل عليها إنساناً كما سمى في العقد؛ لأن اسم الإنسان يقع على الرجل والمرأة وعليه الأجر استحساناً، لأنه استأجرها للركوب ولم يتبين الراكب فوقعت الإجارة فاسدة. فإذا ركب إنساناً انقلبت الإجارة جائزة استحساناً. وإن كانت الدابة بحال لا تطيق حملها يكون ضامناً، لأن الدابة إذا كانت لا تطيق حملها كان حملها عليه إتلافاً لا حملاً، والإتلاف لم يدخل تحت الإذن إذا استأجر دابة ليركبها، فحمل عليها صبياً صغيراً

<<  <  ج: ص:  >  >>