ركوبها ضمن قيمتها منكسرة، وعاصه، لأن الرد واجب إذا كانت الدابة بهذه الصفة، فتعلق بالجحود الضمان كما في الوديعة.
وذكر في «المنتقى» برواية ابن سماعة عين هذه المسألة، وأجاب على التفصيل الذي ذكره القدوري: أن الدابة إن هلكت قبل الركوب ضمنها وإن ركبها وهلكت من ركوبه فلا ضمان. ويخرج عن ضمان الغصب قال ثمة: ألا ترى أنه لو غصب من آخر دابة، ثم إن المالك أجرها منه إلى الكوفة بعشرة دراهم جاز، وبرئ عن الضمان إذا ركبها كذا ههنا، وهذا لأن بجحود المستأجر الإجارة إن انفسخ العقد في حق المستأجر، وصار المستأجر غاصباً العين لم ينفسخ في حق الآجر، فإذا ركبها إلى المكان المسمى وعقد الإجارة قائم في حق الآجر فإنما ركبها بحكم العقد في حق الآجر والضمان جميعاً.
هشام عن محمد: رجل استأجر من رجل غلاماً سنة، كل شهر بعشرة دراهم، وقبض العبد، فلما مضى نصف السنة جحد المستأجر أن يكون استأجر العبد، وقيمته يوم جحد ألف درهم، فمضت السنة وقيمته ألف درهم، ثم مات العبد. قال: الإجارة لازمة له، ويلزمه أجر جميع السنة، ويضمن قيمة العبد بعد السنة. قال هشام: قلت لمحمد: كيف اجتمع الأجر والضمان؟ قال محمد: لم يجتمعا، ففسر هشام ذلك، فقال: الأجر وجب لاستعماله العبد في السنة، والضمان وجب بعد مضي السنة؛ لأن بعد مضي السنة وجب عليه رد العبد على المالك، ولم يرد، فوجب الضمان فاختلف سبب وجوبهما واختلف الزمان، فكيف يظهر الاجتماع؛ وعلى قول أبي يوسف رحمه الله: ينبغي أن يلزمه الأجر قبل الإنكار، ويبطل عنه الأجر بعد الإنكار.
استأجر قميصاً ليلبسه ويذهب إلى مكان كذا فلم يذهب إلى ذلك الموضع، ولبسه في منزله. قال أبو بكر: هو مخالف ولا أجر عليه وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله: عندي أنه غير مخالف، وعليه الأجر؛ لأن هذا خلاف إلى خير فلا يصير به ضامناً، فلا يسقط الأجر، ولأن الأجر مقابل بمنفعة اللبس دون الحمل إلى ذلك المكان وإنما ذكر (٤٨ب٤) المكان لازماً في حق الآجر دون المستأجر. قال أبو الليث رحمه الله: وهذا بخلاف ما لو استأجر دابة ليذهب إلى موضع كذا، فركبها في المصر في حوائجه فهو مخالف؛ لأن في الدابة لا تجوز الإجارة إلا أن يبين المكان، وفي الثوب يحتاج إلى بيان الوقت دون المكان، فوقعت الإجارة في الدابة على المكان المذكور، والركوب في المصر ليس خلافاً إلى خير فصار مخالفاً، أما ههنا بخلافه.
استكرى دابة لمسيرة فرسخ، فسار عليها سبعة فراسخ وعليه من الكراء مقدار ما شرط وفيما زاد على الفرسخ هو غاصب، فلا أجر عليه. ولو أرضى صاحب الدابة كان له خيراً في الأجرة؛ لأنه تقاص في الأجرة بالحساب.
استأجر حماراً ليحمل عليه وقر حنطة إلى المدينة، فحمل الحنطة إلى المدينة