وباعها، وانصرف إلى منزله، فوضع على الحمار مقدار قفيز من الملح، فأخذه مرض في الطريق، فمات فعليه ضمان الحمار إذا حمل عليه الملح بغير إذن صاحب الحمار؛ لأنه صار غاصباً بذلك، فدخل في ضمانه.
استأجر دابة ليحمل عليها حنطة من موضع إلى منزله يوماً إلى الليل، فكان يحمل الحنطة إلى منزله، وإذا أراد الذهاب ثانياً كان يركبها، فعطبت الدابة. ذكر عن أبي بكر رحمه الله: أنه يضمن لأنه استأجرها للحمل بدون الركوب، فكان غاصباً في الركوب. قال أبو الليث رحمه الله: هو القياس، لكن في الاستحسان لا يضمن؛ لأن العادة جرت فيما بين الناس بذلك فصار كأنه إذن له في ذلك من طريق الدلالة، وإن لم يأذن بالإقصاء.
استأجر حماراً ليحمل عليه اثني عشر وقراً من التراب إلى أرضه بدرهم، وله في أرضه لبن فكما عاد من أرضه يحمل عليه وقراً من اللبن، فإن هلك الحمار في الرجوع مع اللبن يضمن قيمة الحمار دون الأجر؛ لأنهما لا يجتمعان، ولو سلم الحمار حتى تم العمل، فعلى المستأجر تمام الدرهم، في كل وقر من التراب نصف دانق ويجوز أن يخالف في العمل ثم يجب الأجر المسمى، إذا سلمت الدابة عن ذلك العمل كما في مسألة فرسخ وسبعة فراسخ التي مرت.
وكمن استأجر دابة إلى موضع معين، فجاوزه ثم عاد إلى الوثاق لا يعود أميناً بل هو ضمين، حتى لو هلكت الدابة في طريق ذلك الموضع المعين، يضمن قيمتها، ثم إذا سلمت الدابة يحسب تمام الأجر؛ وكذا لو استأجر دابة ليركب هو بنفسه إلى مكان كذا، فركب وأردف معه غيره صار غاصباً في النصف إذا كانت الدابة فيما تطيق مثلهما، ولو سلمت الدابة يجب تمام الأجر كذا ههنا.
ولو استأجر حماراً ليحمل عليه كذا كذا حملاً، فزاد على ما سمى وحمل الحمولة إلى ذلك المكان، فلما وضع الحمولة وجاء بالحمار سليماً، ضاع قبل أن يرده إلى صاحبه، ينظر إلى مقدار ما زاد من الحمولة، فيضمن من قيمة الحمار بذلك القدر؛ لأنه صار غاصباً من الحمار بذلك القدر فلا يبرأ عن ضمان ما صار غاصباً منه إلا بالرد. رواه بشر عن أبي يوسف ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله. وهذا كما ذكر في اختلاف وقران.
أن من استأجر حماراً من الكوفة إلى القادسية ذاهباً وجائياً فجاوزته القادسية، ثم عاد به سليماً إلى الكوفة، فعليه نصف ما سمى من الأجر عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله؛ لأنه صار غاصباً فلا يبرأ عن الضمان إلا بالرد. وعن أبي يوسف: فيمن استأجر دابة من مصر إلى مصره، فأمسكها في بيته فهلكت. قال: إن أمسكها مقدار ما يمسك ليتهيئوا أمورهم، فلا ضمان والأجر ثابت، وإن أمسكها أكثر من ذلك خرجت من الإجارة، وهي معلومة عنده.
نوع آخر
في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: رجل جاء بدابته إلى بيطار، وقال: انظر فيها فإن