حيث الصفة، والخلاف من حيث القدر على وجهين: إما أن يكون زيادة بأن حاك ثمان في أربع، أو إلى نقصان بأن حاك ستاً في أربع والخلاف من حيث الصفة على وجهين أيضاً: إما أن يكون من حيث الزيادة، بأن أمره أن ينسجه رقيقاً فنسجه صفيقاً أو من حيث النقصان، بأن أمره، أن ينسجه صفيقاً فنسجه رقيقاً، وفي الفصول كلها صاحب الغزل بالخيار، إن شاء ترك الثوب على النساج وضمنه غزلاً مثل غزله، وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه الأجر، وإنما خير صاحب الغزل؛ لأن النساج موافق في أصل العمل مخالف في الصفة في الفصول كلها.
أما إذا كان الخلاف من حيث الزيادة والنقصان في الصفة، فلا إشكال؛ أنه موافق في أصل العمل مخالف في الصفة، وإن كان الخلاف من حيث الزيادة والنقصان في القدر، فكذلك مخالف في الصفة إن زاد في الدرع، فلأنه لو استعمل جميع الغزل بقدر ما أمر به، وإن نقص عن القدر فلأنه لو استعمل الغزل في جميع ما أمر به كان يحصل الثوب أرق. وبسبب النقصان في الذرع يحصل الثوب أصفق، والصفاقة والرقة مقصودة في الثياب، فصح قولنا: إنه موافق في أصل العمل مخالف في الصفة، فيتخير صاحب الثوب إن شاء مال إلى الخلاف، وجعله عاملاً لغير عقد وترك الثوب عليه، وضمنه غزله، وإن شاء مال إلى الوفاق وأخذ الثوب وأعطاه الأجر. ولم يذكر محمد رحمه الله: أنه يعطيه المسمى أم أجر المثل. وقد اختلف المشايخ: قال بعضهم: بأنه يعطيه أجر المثل على كل حال لا يجاوز به ما سمي إن كان أجر مثله أكثر، وإن كان أقل أو مثل المسمى يعطيه ذلك. وقال بعضهم: يعطيه المسمى إذا أخذ الثوب ورضي بالعيب، وإذا أخذ الثوب ولم يرض بالعيب، فإنه يعطيه أجر المثل لا يجاوز به ما سمى. وإلى هذا ذهب أبو بكر الأعمش، ومحمد بن سلمة رحمهما الله.
وجه من قال بأنه يعطيه أجر المثل: أن الحائك مخالف من وجه موافق من وجه، باعتبار أصل العمل موافق، وباعتبار الصفة مخالف، والصفة في الغائب معتبرة؛ لأن الغائب بالصفة يعرف، ولو كان مخالفاً من كل وجه، بأن كان الخلاف في الجنس لا في الصفة كان العمل متعرياً عن العقد، ولو كان موافقاً من كل وجه في حق أهل العمل أو الصفة جميعاً، كان العمل واقعاً بجهة العقد من كل وجه، فإذا كان مخالفاً من وجه موافقاً من وجه، فكان العقد قائم من وجه فائت من وجه، والعقد إذا كان قائماً من وجه غير قائم من وجه، فإنه يجعل عقداً فاسداً كما قال في بيع (٤٩ب٤) المقايضة: إذا هلك أحد العوضين قبل القبض، فإن البيع يفسد لأن البيع على القائم قائم من وجه، منفسخ من وجه فحكم بفساده على ما عرف في موضعه، فلذلك هنا لما كان العقد قائماً من وجه غير قائم من وجه يحكم بفساد الإجارة والمستحق في الإجارة الفاسدة أجر المثل لا ينقص عن المسمى، ولا يجاوز به المسمى. وإذا وجب أجر المثل على قول هذا القائل، فإن كان الخلاف من حيث الزيادة في القدر، فإنه يعتبر أجر مثل العمل المأمور به وهو سبعة أذرع في أربعة، لا أجر مثل العمل المأتي به ثمانية أذرع في أربعة؛ لأن الزيادة على