للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حيث الدخاريص والكمين وإن كان يخالف خياطة القميص فيما عدا ذلك. وإذا كان يوافق خياطة القميص من وجه، ويخالفه من وجه، كان موافقاً من وجه مخالفاً من وجه، فيتخير كما فيما تقدم ذكره من المسائل.

ومنهم من يقول: في إثبات المخالفة والموافقة من وجه. صاحب الثوب أمره بإدخال الخيوط في ثوبه بخياطة القميص، وهذا أدخل الخيوط في ثوبه بخياطة القباء، فكان مخالفاً من وجه موافقاً من وجه. والموافقة إن قلت: يجب إثبات الخيار حتى لا يلغو إثبات الإذن والموافقة من وجه بخلاف ما لو غصب ثوباً فقطعه وخاطه قباء؛ لأنه مخالف في القطع، وفي إدخال الخيوط في ثوبه، فكان مخالفاً من كل وجه، بخلاف ما نحن فيه.

ومنهم من يقول: إنه موافق في الخياطة، فإن الخيوط الذي استعملها فيه داخل تحت الإذن، وإنما حصل الخلاف في نفس القطع، والغاصب إذا قطع الثوب ولم يخط لم يمنع صاحبه من أخذه فكذلك هذا لا يمنع رب الثوب من أخذه، بخلاف الغاصب فإنه مخالف في القطع والخياطة، فكان مخالفاً من كل وجه، وقد استهلك الثوب وأحدث صنعة متفرقة بغير أمره، فهو معنى قولنا: إنه موافق من وجه مخالف من وجه. وإذا كان موافقاً من وجه مخالفاً من وجه، كان لصاحب الثوب الخيار، إن شاء ترك القباء عليه، وضمنه قيمة ثوبه ولا أجر له، وإن شاء أخذ القباء وأعطاه أجر مثل عمله ولا يجاوز به ما سمى، وهذا على قول من يقول: بأنه يعطيه أجر المثل متى خالفه من وجه؛ لأن العقد يفسد بالخلاف من وجه ظاهر.

وعلى قول من يقول: يعطيه المسمى إذا رضي بالعيب، نقول: ما ذكر في الكتاب محمول على ما إذا اختار وأخذ القباء ولم يرض بالعيب وله أن يأخذ القباء ولا يرضى بالعيب، ومتى كانت الحالة هذه، فإنه يعطيه أجر المثل، فأما إذا رضي بالعيب يعطيه المسمى.l

وسيأتي بيان القولين بعد هذا إن شاء الله تعالى.

وإن اختلفا، فقال الخياط: أمرتني بهذا. وقال رب الثوب: أمرتك بقميص، فالقول قول رب الثوب مع يمينه؛ لأن الأمر استفيد من جهته، وإن أقاما البينة فالبينة بينة الخياط، أقر بسبب الضمان وادعى ما يبرئه عنه، وهو الإذن وذلك غير ثابت، فهو ببينته يثبت ما ليس بثابت، وصاحب الثوب يثبت ما هو ثابت، وهو الضمان فكانت بينة الخياط أولى. ولو أمره بأن يخيط له قميصاً فخاطه سراويلاً، هل يتخير رب الثوب؟ فعلى مرد العبارة الأولى في مسألة القباء لا يتخير؛ لأن السراويل لا يشبه القميص أصلاً إذ ليس له كم ولا دخريص وعلى مرد العبارة الثانية والثالثة يتخير وإنه أقرب إلى الصواب.

فقد روي عن محمد فيمن دفع إلى رجل شيئاً ليضرب له طيناً، فضرب له كوزاً، إن له أن يأخذه ويعطيه أجر المثل، فكذا في السراويل. وقد مرت مسألة السراويل.

قال: إذا دفع إلى حائك غزلاً لينسجه له سبعاً في أربع، يريد به أن يكون طوله سبعاً وعرضه أربعاً، فخالف، فهذا على وجهين:

إما أن يكون الخلاف من حيث القدر، أو من

<<  <  ج: ص:  >  >>