للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإجماع، إن كان الرعي خاصاً وعند أبي حنيفة إن كان الراعي أجير مشترك. وإن ترك حفظ ما مدت والأمين يضمن بترك الحفظ؛ لأن الأمين إنما يضمن بترك الحفظ إذا ترك بغير عذر، فأما إذا ترك بعذر، فإنه لا يضمن، كما لو دفع الوديعة إلى أجنبي حالة الحريق فإنه لا يضمن وإن ترك حفظها؛ لأنه تركها بعذر، فكذلك ههنا إنما ترك حفظها كيلا يضيع الباقي، وعندهما يضمن؛ لأنه ترك الحفظ بعذر يمكن الاحتراز عنه.

ورأيت في بعض النسخ: لا ضمان عليه فيما مدت إذا لم يجد من سعته يردها، أو سعته ليجر صاحبها بذلك. وإن تكارى من يجيء بالواحدة متطوع؛ لأنه لم يؤمر باستئجار هذا، وإن تفرقت الغنم والبقر عليه فرقاً لم يقدر على اتباعها كلها، وأقبل على فرقة منها وترك على ما سوى ذلك، فهو في سعة من ذلك ولا ضمان عليه؛ لأنه ترك حفظ البعض بعذر، وعلى قولهما: يضمن لأنه ترك بعذر يمكن الاحتراز عنه في الجملة.

وإذا كان الراعي أجير مشترك فرعاها في بلد، فعطبت واحدة منها أي هلكت بآفة نحو الغرق في الماء، وافتراس الفرس والسقوط من الحرّ وما أشبه ذلك. فقال ربّ الغنم: إنما شرطت عليك أن ترعى في موضع كذا وكذا عين موضعاً آخر غير هذا الموضع، وقال الراعي بل شرطت علي الرعي في الموضع الذي رعيتها، فالقول قول ربّ الغنم بالإجماع حتى يضمن الراعي بالإجماع؛ لأن الإذن يستفاد من جهته، والبينة بينة الراعي حتى لا يضمن في قول أبي حنيفة؛ لأنه هو المدعي؛ لأنه يثبت ما ليس بثابت. وكذلك إذا كان الراعي أجير خاص، واختلف على نحو ما بينا فالقول قول رب الأغنام لما ذكرنا.

وإذا خالف الراعي ورعاها في غير المكان الذي أمره، فعطبت فهو ضامن ولا أجر له وإن سلمت الغنم القياس أن لا أجر له.

وفي الاستحسان: يجب الأجر لأن الراعي، موافق في أصل الرّعي، مخالف في صفته. فإن الرعي في بعض الأماكن ربما يكون أجود من البعض. فعملنا بجانب الخلاف إن عطبت الأغنام فأوجبنا الضمان، ولم نوجب الأجر وعملنا بجانب الوفاق، إن سلمت الأغنام فأوجبنا الأجر.

راعي الرماك إذا يومق الرمكة، فوقع الرمق في عنقها، فجدبها فعطبت فهو ضامن؛ لأن التوميق لم يدخل تحت الإذن لأنه ليس من عمل الرعي فكان التلف حاصلاً من عمل غير مأذون فيه، وإن فعل ذلك بإذن صاحب الرمكة فلا ضمان هكذا ذكر في الأصل. قال بعض مشايخنا: هذا إذا كان الراعي أجير واحد، فإما إذا كان أجير مشترك فهو ضامن؛ لأن هذا من جناية يده، فيكون بمنزلة ما لو دق فتخرق وعامتهم على أنه لاضمان على كل حال؛ لأن هذا ليس من عمل الرعي، فكان الراعي معيناً فيه، ولاضمان على المعين على كل حال. وإذا شرطوا على الراعي ضمان ما عطبت بفعله فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>