للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صار وجوده والعدم بمنزله. ولو انعدم قوله هذه الأغنام كان له أن يكلفه من الرعي ما يطيق كذا ههنا بخلاف الأجير المشترك؛ لأن الإشارة في الأجير المشترك ليس بذكر لبعض ما شمله مطلق العقد، بل هو ذكر لجميع ما تناوله العقد؛ لأن العقد في الأجير المشترك لا يجوز إلا بالإشارة إلى الأغنام، أو بذكر العدد. وإذا كانت الإشارة بياناً ما تناوله العقد بمطلق العقد بالمشار إليه، فلم يكن له أن يكلفه مقدار الزيادة.

أما ههنا فالعقد يجوز، وإن لم يشر إلى الأغنام ولم يسم عددها، ويستحق عليه من الرعي مقدار ما يطيق، فكانت الإشارة ذكر البعض لشمله أول الكلام، والتقريب ما ذكرنا.

وإذا ولدت الأغنام أولاداً فإن كان الراعي أجير خاص فعليه رعي الأولاد، وإن كان الراعي أجير مشترك فليس عليه رعي الأولاد. وإن شرط على الأجير المشترك رعي ما يحدث من الأولاد فهو شرط فاسد. لو فارق العقد يفسد به العقد قياساً. وفي الاستحسان يجوز وجه القياس في ذلك وهو أن بعض المعقود عليه مجهول، وهو رعي الأولاد؛ لأنه لا يدري كم ظهر الأغنام وكذلك الأجر بإزاء الأغنام والأولاد، وإذا كان الأولاد مجهولاً كانت حصة الأولاد من الأجر مجهولة فيكون حصة الأمهات مجهولة أيضاً. ومع الجهالة تمكن الخطر في هذا العقد؛ لأنه لا يدري أن الأغنام تلد أولا تلد. وجه الاستحسان في ذلك: أن الجهالة إنما توجب فساد العقد؛ لكونها مانعة من التسليم والتسلم. وهذا المعنى لا يتأتى ههنا؛ لأن تسليم الأولاد وتسلمها مما لا يحتاج إليه في الحالة حتى يقال في الحال مجهولة. وإنما يحتاج إليهم بعد الحدوث وبعد الحدوث هي معلومة، والأجر في الحال معلوم؛ لأن الأجر كله بإزاء الأمهات في الحال؛ لأن رعي الأولاد شرط على سبيل الزيادة وما يكون زيادة على المعقود عليه لا يكون لها حصة من البدل ما لم يوجد، بل يكون كله بمقابلة الأصل، وحال وجود الأولاد الذي هو حال انقسام البدل الأولاد معلومة، فكان الأجر معلوماً والخطر المتمكن في وجود الأولاد لا يوجب فساد العقد في الأمهات، لأن الأولاد جعلت معقوداً عليها على سبيل الزيادة والخطر في الزيادة لا يوجب خطراً (٥٣ب٤) في الأصل، والخطر في محل المبيع انعقاد العقد في محل آخر، فالخطر في الأولاد لا تمنع العقد على الأمهات للحال، وليس للراعي أن يبرئ على شيء منها بغير أمر صاحبها، وإن فعل ذلك يضمن ما عطب منها؛ لأن الإبراء لم يدخل تحت العقد؛ لأن الإجارة عقدت على الراعي، والإبراء ليس من الرعي، فصار الحال فيه بعد العقد كالحال قبله.

ولو أن الراعي لم يفعل ذلك، ولكن الفحل الذي في الغنم نزا على واحدة منها، فعطبت فلا ضمان على الراعي في ذلك بالإجماع، إن كان الراعي أجير خاص. وإن كان الراعي أجير مشترك فكذا الجواب عنده.

وعندهما: هو ضامن لأن الهلاك حصل بأمر يمكن التحرز (عنه) ، وإن مدت واحدة منها، وترك اتباعها حتى لا يضيع الباقي فهو في سعة من ذلك، ولاضمان عليه فيما مدت

<<  <  ج: ص:  >  >>