للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه غنم هذا؛ لأنه يدعي عليه معنى لو أقرَّ به يلزمه، فإذا أنكر يستحلف. فإن حلف برئ وإن نكل ضمن القيمة لصاحبه. إذا خاف الراعي على شاة منها فذبحها فهو ضامن قيمتها يوم ذبحها؛ لأن الذبح ليس من عمل الرعي في شيء، فلا يكون داخلاً تحت العقد قال مشايخ بلخ: هذا إذا كان يرجى حياتها بأن كان شكل الحال يرجى حياتها وموتها. أما إذا تيقن لموتها فلا ضمان عليه؛ لأن الأمر بالرعي أمر بالحفظ، والحفظ الممكن حالة التيقن بالموت بالذبح. فيصير مأموراً بالذبح في هذه الحالة. وذكر الصدر الشهيد رحمه الله في الباب الأول من شركة «واقعاته» : أن من ذبح شاة إنسان لا يرجى حياتها يضمن، والبقار والراعي لا يضمن في مثل هذا. وفرق بين الأجنبي والراعي والبقار والفقيه أبو الليث سوى بينهما فقال: لا يضمن الأجنبي كما لا يضمن الراعي والبقار لوجود الإذن بالذبح دلالة في حق الكل في هذه الحالة وهو الصحيح، وكذلك الجواب في البعير؛ لأن الذبح في هذه المواضع إصلاح اللحم، فأما في الحمار فلا يذبح. وكذا في البغل؛ لأن الذبح لا يصلح اللحم فيهما. وفي الفرس أيضاً لا يذبح عند أبي حنيفة؛ لأن الصحيح من مذهبه أن لحم الفرس مكروه كراهة التحريم. وإذا باع المالك بعض الأغنام، فإن كان الراعي خاصاً لم يبطل شيء من الأجر وإن كان مشتركاً يبطل من الأجير بحصة ما باع. والكلام فيه نظير الكلام.

فيما إذا مات بعض الأغنام وهذا لأن الخاص يستحق الأجر بتسليم النفس، وقد سلم نفسه للرعي بأقصى ما في وسعه، فأما المشترك يستحق الأجر بالعمل ولم يوجد عمل الرعي فيما باع. وإذا أراد رب الغنم أن يزيد في الغنم ما يطيق الراعي، كان له ذلك إذا كان الراعي خاصاً؛ لأن رب الغنم ملك جميع منافعه في حق الرعي في هذه الإجارة، فصار الأجير في حق الرعي بمنزلة العبد له وله أن يكلف عبده من الرعي ما يطيق، فكذا ههنا ولا يكلفه فوق طاقته؛ لأن الأجير الخاص لا يكون أشقى حالاً من عبده، وليس له أن يكلف عبده من الرعي ما لا يطيق فهاهنا أولى.

وسواء سمى له الغنم أو لم يسم فالعقد جائز إذا بين المدة؛ لأنه إذا بين المدة وصار أجير وحد تنصرف الإجارة إلى أقصى ما في وسع الأجير من الرعي في هذه المدة. وصار كأنه نص عليه. ولو نص عليه جاز العقد، وإن لم يسم الغنم كذا ههنا هذا إذا استأجر شهراً ليرعى غنمه ولم يشر إلى الغنم فأما إذا أشار إلى الغنم، بأن قال استأجرتك لترعى هذه الأغنام ثم أراد المستأجر أن يزيد في الغنم فالقياس أن ليس له ذلك، كما في الراعي المشترك.l

وفي الاستحسان له ذلك؛ لأنه لو لم يشر إلى هذه الأغنام كان المستحق عليه بحكم هذه الإجارة من الرعي ما في وسعه وطاقته. فلو تغير موجب هذا العقد إنما يتغير بهذه الإشارة، ولا وجه إلى ذلك؛ لأن قوله: هذه الأغنام بعض ما شمله أول الكلام على موافقة حكمه؛ لأن مطلق العقد يقتضي رعي هذه وغير هذه فبقوله: هذه الأغنام ذكر رعي هذه لا غير.

وذكر بعض ما شمله أول الكلام على موافقة حكمه لا يوجب تغيير أول الكلام،

<<  <  ج: ص:  >  >>