للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهراً ليرعى غنماً لهم، أو لهما فقد فرق في حق الأجير الخاص بينهما، إذا كانت الأغنام لواحد، وفيما إذا كانت الأغنام لاثنين أو ثلاثة. والفرق بينهما وهو أن الأغنام كلها لما كانت لواحد ففعل الأجير في السوق منقول إلى صاحب الأغنام، باعتبار القاتل والمقتول فإنه عامل له فيهما، فصار فعله في السوق منقولاً إلى صاحب الأغنام، فكأن صاحب الأغنام ساق بنفسه. ولو ساق بنفسه فقتل بعضها بعضاً لا يجب الضمان إذا كانت الأغنام كلها للسائق، فكذلك هذا. فأما إذا كانت لرجلين بأن كان بعضها لزيد وبعضها لعمرو ففعل الأجير إن صار منقولاً إلى زيد باعتبار القاتل، فإنه عامل لزيد في حق القاتل، فإن بالقاتل ملك زيد. فباعتبار المقتول لا ينتقل فعله في السوق إلى زيد لأنه في سوق المقتول أجير عمرو، وإذا انتقل فعله إلى صاحب القاتل باعتبار القاتل، ولم ينتقل باعتبار المقتول لم يثبت الانتقال، فبقي مقصوراً عليه وللراعي أن يبعثه بالأغنام على يدي غلامه أو أجيره أو ولده الكبير الذي في عياله؛ لأن بالرد من الحفظ. وله الحفظ بيد من في عياله. فإن هلك في يده (٥٣أ٤) حالة الرد. فإن كان الراعي مشتركاً فلا ضمان عليه في قوله أبي حنيفة على كل حال. وعندهما إن هلك بأمر يمكن التحرز منه فهو ضامن كما لو رد بنفسه وهلك في يده حالة الرد، وإن كان الراعي أجير خاص، فلا ضمان على كل حال، كما لو رد بنفسه وهلك في يده حالة الرد.

ويشترط أن يكون الراد كبيراً يقدر على الحفظ؛ لأنه متى كان صغيراً لا يقدر على الحفظ يكون هذا تضييعاً منه، والأجير يضمن بالتضييع عندهم جميعاً. وشرط أن يكون في عياله؛ لأنه متى لم يكن في عياله كان الرد بيده وبيد أجنبي سواء، ليس له الرد بيد الأجنبي هكذا بيد من ليس في عياله.

وذكر الشيخ الإمام الزاهد أحمد الطواويسي: أن للمشترك أن يرد بيد من ليس في عياله وليس للخاص ذلك. والحاكم يرد به يتولى بينهما وقال: ليس لهما ذلك.

الراعي المشترك إذا خلط الأغنام بعضها ببعض، فإن كان يمكنه التمييز بأن كان يعرف غنم كل واحد، فلا ضمان عليه؛ لأن مثل هذا الخلط ليس باستهلاك، ويكون بمنزلة خلط السود بالبيض. والقول قول الراعي في تعيين الغنم لكل واحد، لأن اليد له، فيكون القول قوله: إن هذا لهذا، وإن كان لا يمكنه التمييز، بأن يقول: لا أعرف غنم كل واحد، فهو ضامن قيمة الأغنام، لأن مثل هذا الخلط استهلاك بمنزلة خلط السود بالسود والقول قول الراعي في مقدار القيمة؛ لأن صاحب الغنم يدعي عليه زيادة وهو ينكر.

وتعتبر قيمة الأغنام يوم الخلط وهذا على قول أبي حنيفة رحمه الله لا يشكل. وعلى قولهما اختلف المشايخ بعضهم قالوا: تعتبر القيمة يوم القبض. وقال بعضهم: يوم الخلط وهو الصحيح؛ لأن الأجير المشترك عندهما لا يضمن بالقبض، وإنما يضمن بترك الحفظ والتضييع.

وقيل: يجب أن يتخير أرباب الغنم إن شاءوا ضمنوه، وإن شاءوا أخذوها مشتركة كما في خلط الحنطة بالحنطة. وإذا ادعى بعضهم طائفة من الغنم، فإن الراعي يحلف ما

<<  <  ج: ص:  >  >>