وهذا إذا ثبت الموت بتصادقهما أو بالبينة فأما إذا ادعى الراعي الموت وجحد رب الأغنام فعلى قول أبي حنيفة: القول قول الراعي؛ لأنه أمين فيكون القول قوله أنه مات كالمودع.
وأما عندهما القول قول رب الأغنام. وكان يجب أن يكون القول قول الراعي؛ لأنه أمين، لأن المال أمانة في يده عندهما. وإنما لا يضمن إذا هلك بآفة يمكن التحرز عنه؛ لأنه يعد ذلك تضييعاً منه، فيضمن بالتضييع. ولهذا قالا: إذا خلط خلطا لا يمكن التمييز فإنه يضمن قيمته يوم الخلط، ولو كان قبضه قبض ضمان عندهما لكان يضمن قيمته يوم القبض كالغاصب، فدل أن المال أمانة في يد أجير المشترك عندهما. وإنما يضمن بالتضييع إذا حصل الهلاك بأمر يمكن التحرز عنه. ولهذا علل محمد رحمه الله في الكتاب فقال: لأنه ضيع حيث لم يحفظها من السبع والسرقة.
وإذا كان المال أمانة في يده وإنما يضمن بالتضييع كان يجب أن يكون القول قوله ما لم يقر بالتضييع. ولم يوجد منه الإقرار بالتضييع إلا أنه جعل القول قول رب الغنم، وذلك لأنه وجب على أجير المشترك زيادة حفظ لم يجب على المودع. وعلى أجير الوحد مخافة أن لا يضيعوا أموال الناس، فإنه يجتمع في أيديهم أموال الناس على ما أشار في حديث علي رضى الله عنه. وإنما تأتى بزيادة حفظ لم يجب على المودع، وعلى أجير الوحد إذا لم يجعل القول قوله عند الهلاك وإن لم يوجد منه الإقرار بسبب الضمان؛ لأنه متى علم أن القول قوله عند الهلاك. كما في المودع لا يجد في الحفظ، فلهذه الضرورة لم يجعل القول قوله عند الهلاك وإن كانت المال أمانة عنده ليحصل ما هو المقصود من زيادة حفظ وجب عليه، لم يجب على المودع وعلى أجير الوحد.
ولو ساقها إلى المرعى فعطب منها شاة لا من سياقة بأن صعدت الجبل أو مكاناً مرتفعاً، فتردى منه فعطبت فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة؛ لأن الهلاك ما كان من قبله وعلى قولهما ضمن؛ لأن الهلاك حصل من أمر يمكن التحرز عنه بأن لا يأتي هذا المكان، أو إن أتى هذا المكان بحفظها عن الصعود على الجبل، وعلى المكان المرتفع. وكذا لو أوردها نهراً ليسقيها، وغرق شاة منها على قول أبي حنيفة لا ضمان. وعلى قولهما ضمن. وكذلك لو أكل منها سبع أو سرق منها، فالمسألة على الخلاف. ولو ساقها وعطبت شاة منها من سياقه بأن استعجل عليها، فعثرت وانكسر رجلها، أو أندق عنقها فعليه الضمان عند علمائنا الثلاثة.
وإذا ساق الراعي الغنم فتناطحت بعضها بعضاً من سياقه، أو وطئ بعضها بعضاً من سياقة. فإن كان الراعي مشتركاً فهو ضامن على كل حال؛ لأن هذا من جناية يده. وإن كان خاصاً: إن كانت الأغنام لواحد فلا ضمان عليه. وإن كانت الأغنام لاثنين أو ثلاثة فهو ضامن.
وصورة الأجير الخاص في حق الاثنين والثلاثة: أن يستأجر رجلان أو ثلاثة راعياً